التفاسير

< >
عرض

قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١
-المؤمنون

هميان الزاد إلى دار المعاد

بسم الله الرحمن الرحيم
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } نالوا ما احبوا وفازوا به.
قال كعب: ان الله خلق الجنة ثم قال لها تكلمي فقالت: (قد افلح المؤمنون).
وعن بعض ان الله خلق الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وارضها مسك وجعل فيها ما جعل ونظر فيها وقال: (قد افلح المؤمنون) ثم اغلق بابها فليس يعلم ما فيها ملك مقرب ولا نبي مرسل فالذي تجدون من برد السحر وطيبه هو الذي يخرج من خلال الباب ومعنى (نظر فيها) بارك فيها ولا ضمير في كون الباب باب الجنة له خلل الحكمة ذكر الحديثين الشيخ هود وزاد البغوي في الثاني وغرس غرسها بيده اي بقدرته لا بواسطة مخلوق ولما قالت (قد أفلح المؤمنون) قال طوبى لك منزل الملوك أي انت منزل الملوك أو يا منزل الملوك والمراد بالملوك من قدر الله ان يدخلها.
وعن ابن عباس؛ قد سعد المصدقون بالتوحيد أي التصديق المؤدي إلى العمل وبقوا في الجنة.
وقيل: الفلاح البقاء والنجاة (وقد) للتحقيق ويجوز ان تكون للتوقع اي دالة على ان ما بعدها منتظر وانه قد وقع والمؤمنون قد توقعوا البشارة بذلك كما ان لما لنفي ما توقع وقد مقربة للماضي من الحال ومجيئ (قد) للتوقع مع الماضي اثبته الاكثرون.
وقال بعضهم: لا تكون للتوقع من الماضي لان التوقع انتظار الوقوع والماضي واقع ويرده ان معنى كونها للتوقع انها تدل على ان الماضي قبل الاخبار به كان متوقع.
واختار ابن هشام انها لا تكون للتوقع البتة وقد تدخل على ماض متوقع وليس هي المفيدة للتوقع (انتهى)
والافلاح الدخول في الفلاح كالابشار الدخول في البشارة وقد يتعدى يقال: (افلحه) اي (ادخله في الفلاح) وعليه قراءة طلحة بن مصرف (افلح) بالبناء للمفعول وعنه (افلح) بضمة بغير واو لا في الخط إذا كتب ولا في اللفظ إذا نطق فاما حذفها للساكن في النطق فاتبع الخط النطق فيقف بردها أو حذفها استغناء بالضمة كقوله:
ولو ان الاطباء كان حولي
فيقف بالاسكان.
وعنه (افلحوا المؤمنون) بالضم وحذف الواو نطقا وثبتها في الخط إذا كتب وهاتان القراءتان على لغة (يتعاقبون فيكم ملائكة) أو على ان (المؤمنون) مبتدأ والجملة قبله خبر والواو فاعل والمؤمنون بدل مفسر لابهام الواو.
وقرأ ورش عن نافع بفتح الدال نقلا من الهمزة فتحذف من الهمزة وكذا قاعدة ورش انه ينقل حركة الهمزة التي في أول الكلمة إلى الساكن الصحيح الذي هو آخر كلمة أو مثل الصحيح وهو الواو والياء الواقعان بعد فتح وكذا إذا كانت الهمزة كلمة (لا) بعض كلمة أو كان الساكن كذلك وإذا نقل حركتها حذفها.
والمؤمن لغة المصدق وشرعا للمصدق البر التقي عندنا وعند بعض قومنا والمصدق مطلقا عند جلهم.