التفاسير

< >
عرض

فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٤١
-المؤمنون

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَأَّخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ } صيحة جبرائيل عليهم مهلكة لهم أو صيحة نزول العذاب أو الصيحة العذاب كما بينته في غير هذا الموضع اقوال { بِالْحَقِّ } حال من الصيحة أو متعلق باخذتهم اي بالوجه الثابت الذي لا بد منه ولا دافع له أو بالعدل أو بالوعد الصدق { فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً } اي مثل الغثاء وهو ما يحمله السيل مما يلي واسود من الورق والعيدان ووجه الشبه اليبس والاهانة.
والعرب تقول: سال به الوادي اي مات وصار مثل ما يحمله الوادي وورد في كلام العرب مشددا ايضا قال امرؤ القيس:

من السيل والغثاء فلكة مغزل

وذلك من التشبيه البليغ بحذف اداته ومن المجاز بالمحذوف لا من الاستعارة لذكر المشبه وهو هاء جعلناهم والمشبه به وهو غثاء خلافا لبعضهم بل ظاهر مطول السعد ان ذلك استعارة على الصحيح * { فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } مصدر حذف عامله وجوبا سواء كان على طريق الاخبار لاقترانه بلام البيان أو على طريق الدعاء كسحقا وتبا وتعسا سواء كان بمعنى ضد القرب أي بعدوا بعدا عن كل خير ويدل على العموم حذف المعمول أو بمعنى الهلاك من بعد بكسر العين بمعنى مات.
ويقال في هذا ايضا بعد بفتح العين والباء كالرشد والرشد واللام لبيان من دعا عليه بالبعد.
والاصل فبعدا لهم فوضع الظاهر موضع الضمير زيادة في اشهارهم في مقام البعد والوصف بالظلم ولام البيان متعلقة بمحذوف اي (اعني) أو (ارادتي) للقوم الظالمين كائنه او ارادتي كائنة لهم لا بمحذوف نعت للمصدر لنيابته عن الفعل والفعل لا يوصف أو تعلق بالمصدر لانه من اللازم وليست مقوية لانها لا تصلح للسقوط الا على الاضافة ولا تعلق بأعني لتعديه كما زعم ابن عصفور الا ان اراد انها تعلق به مع تقدير مفعول به له اي (اعني البعد للقوم الظالمين) كما فعلت فيما مر.
وإذا كان المصدر متعديا لم تعلق به ولا بفعله المقدر لتعذرهما وليست اللام مقوية للعامل من حيث انه ضعف بالمصدرية أو بالتزام الحذف ان قلنا العامل هو الفعل لان لام التقوية تصلح للسقوط واللام في (سقيا لك) لا تصلح له خلافا لابن الحاجب فانه اجاز (سقيا اياك).