التفاسير

< >
عرض

تَبَارَكَ ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً
١٠
-الفرقان

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ } في الدنيا * { خَيْراً مِّن ذَلِكَ } الذي ذكروا من كنز وجنان ولكن اخره إلى الآخرة لانه خير وابقى.
وعن ابن عباس { خَيْراً } من المشي في الاسواق والتماس المعاش * { جَنَّاتٍ } بدل من { خَيْراً } * { تَجْرَي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَلُ لَّكَ قُصُوراً }
ديارا عظاما مشيدة مشتملة على بيوت أو محل { يَجْعَل } جزم على الجواب فجزم { يَجْعَل } عطفا على محله.
وقرئ بالرفع اما لان الشرط إذا كان ماضيا أو مضارعا مع (لم) يجوز اهمال اداة الشرط عن الجواب الذي هو مضارع فيرفع ويجعل هنا معطوف على الجواب فكأنه جواب وهو مضارع.
واما على الاستئناف بوعد ما يكون له الآخرة وهو الذي يذكره العلماء مشتهرا كالمرادي وغيره.
وتلك القراءة اعني قراءة الرفع قراءة ابن كثير وابن عامر وابي بكر.
وقرئ بالنصب على ان الواو افادت مفهوم (مع) والناصب (ان) مضمره وجوبا ومصدر يجعل معطوف على مصدر مقدر من الجواب اي (ان شاء يكن جعله لك خيرا من ذلك وجعله لك قصورا) وانما جاز ذلك لان مضمون الجزاء لم يتحقق وقوعه فكأن الواو وقعت في جواب الاستفهام فان الاستفهام لم يتحقق ما كان سؤالا عنه.
قال المرادي وغيره والظاهر ان قراءة ادغام لام (يجعل) على لام (لك) بناء على جزم يجعل ويضعف كونها على رفعه أو نصبه بعد حذف الحركة وقد اوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان شئت جعلت لك جبال مكة ذهبا وفضة واطيل عمرك حتى تريد الموت وتسير معك تلك الجبال حيث شئت ولا انقص من اجرك شيئا) وذلك اوحى إليه حين قرب اجله واوحى اليه قبل ذلك ايضا.
وقال صلى الله عليه وسلم:
"جاءني ملك ان حجزته لتساوي الكعبة والحجزة معقد الازار فقال يا محمد: إِن ربك يقرئك السلام ويقول ان شئت جعلتك نبيا وان شئت جعلتك ملِكا - بكسر اللام - فنظرت إلى جبريل فأَشار إِليّ إلى ان ضع نفسك فقلت يجعلني نبيا عبدا فكان بعد ذلك لا يأكل متكئا يقول آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد" وعن ابي امامة عن النبي صلى الله عليه "عرض عليّ ربي أَن يجعل لي بطحاء مكة ذهبا قلت: لا يا رب ولكن أَشبع يوما وأَجوع يوما فاذا جعت تضرعت إِليك وذكرتك وإذا اشبعت حمدتك وشكرتك"
قال ابن عباس - رضي الله عنه -: "لما عير المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفاقة وقالوا: (مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق) الخ حزن فأتاه جبريل فقال له: ربك يقرئك السلام ويخصك بالتحية والاكرام ويقول وما أَرسلنا قبلك من المرسلين إِلا أَنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأَسواق وبينما هما يتحدثان إِذ ذاب جبريل وكان كالعدسة فقال صلى الله عليه وسلم: مالك قال فتح باب من ابواب السماء لم يفتح قط وإِني أَخاف أَن يعذب قومك بتعييرهم إِياك بالفقر فبكيا وعاد جبريل كحاله فقال: أَبشر يا محمد هذا رضوان خازن الجنة قد أَتاك بالرضى من عند ربك فاقبل حتى سلم عليه وقال له: يا محمد ربك يقرئك السلام ومعه سفط من نور يتلألأ ويقول لك هذه مفاتيح خزائن الدنيا أَتيت بها لك مع أَنه لا ينقص لك مما عندي في الآخرة مثل جناح بعوضة فنظر إلى جبريل كالمستشير فضرب جبريل يده إلى الارض فقال تواضع لله فقال يا رضوان لا حاجة لي فيها فالفقر أَحب إليّ فلئن أَكن عبدا صابرا شكورا خير من غيره فقال رضوان: أَصبت أَصاب الله بك فلئن تكن عبدا صابرا شكورا خير لك من غيره وجاء نداء من السماء ورفع جبريل رأسه فاذا السماوات فتحت أَبوابها إلى العرش وأَوحى الله عز وجل إلى جنة عدن أَن تدلي غصنا من أَغصانها عليه غرفة من زبرجدة خضراء لها سبعون الف باب من ياقوتة حمراء فقال جبريل: يا محمد ارفع رأسك وبصرك فرأى منازل الانبياء عليهم السلام وغرفهم وإذا منازله فوقهم ومناد ينادي يا محمد أَرضيت فقال: رضيت يا رب فاجعل عطائي في الدنيا ذخيرة في الآخرة للشفاعة" .
ويروى أَن هذه الآية نزل بها رضوان.