التفاسير

< >
عرض

إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً
١٢
-الفرقان

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانِ بَعِيدٍ } اي إذا كانت بمرأى منهم كقولهم (دورهم تتراءى وتتناظر).
وقوله صلى الله عليه وسلم: في المؤمن والمشرك (لا تترأى نارهما) اي لا يتقاربان بل بحيث تكون احداهما بمرأى من الأخرى على المجاز فان النار ليست رائية والمراد في الحديث تباعد المؤمن عن المشرك والمكان البعيد اقصى ما ترى منه وقيل المراد هنا مسيرة عام.
وقيل: مائة عام وتجوز ان تكون الرؤيا حقيقة بان يخلق الله تعالى للنار حياة وعقلا ورؤية.
وقيل: على حذف مضاف اي رأتهم زبانيتها وقيل بينما الناس في بالمحشر إِذ جيء بجهنم فيراها الخلق كلهم قيل من مسير خمسمائة عام عليها سبعون الف زمام على كل زمام سبعون الف ملك يحبسونها عن الخلق وجوههم كالجمر واعينهم كالبرق فاذا تكلم احدهم تناثرت من فيه النار بيد كل ملك مرزبة عليها سبعون ألف رأس كامثال الجبال وهي اخف في يده من الريشة لها رؤوس كرؤوس الحيات واعينهم زرق تريد ان تنقلب على الخلائق من غضب الله عز وجل ويقول الجبار جل جلاله يا جبريل ائت بجهنم فيأتي بها فيقول اجيبي خالقك فطارت وزفرت على الخلائق وشهقت غضبا على من عصى الله ويسمع الخلائق وانتفضت خزنتها متواثبين على الخلائق غضبا على من خالف امر الله فتساقطوا جثما على ركبهم وولوا مدبرين وترى كل امة جاثية وسقط بعضهم على بعض منكوسين على الوجوه وينادي الظالم بالويل والثبور وينادي الصديق نفسي نفسي لذلك الزفير الشديد كما قال الله سبحانه.
{ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } التغيظ الغليان وهو مما يسمع فلا حاجة إلى قول بعض ان سماع (التغيظ) علمه الا انه قيل (التغيظ) غير الغليان مما لا يسمع والزفير الصوت.
وقيل: الرؤية والتغيظ والزفير لزبانتيها (ولها) حال من { تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } أو اللام بمعنى (من) فتعلق بـ (سَمِعُوا) وبينما الناس كذلك إذ زفرت النار زفرة ثانية يتساقطون منها على وجوههم ثم زفرة ثالثة يتساقطون عليها ايضا ثم يشخصون بابصارهم ينظرون من طرف خفي فعند ذلك تنشب قلوب الظالمين في حناجرهم وتذهل عقول السعداء والاشقياء جميعا.
ويقال: اذا اجتمعت الخلائق ببيت المقدس زفرت جهنم فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خرّ لوجهه وظن انه لو جاء بعمل سبعين نبيا ما نجا فعند ذلك تاهت عقول المرسلين فيقال لهم: ماذا أجبتم؟ فيقولون لا علم لنا ثم رجعت عقولهم فيشهدون بالتبليغ على قومهم.