التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً
٣٢
-الفرقان

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ } اي هلا وهي للتوبيخ والتنديم * { نُزِّلَ عَلَيْهِ } على محمد * { القُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً } كما نزلت التوراة والانجيل والزبور.
قال ابن عباس: قالوا: لو كان من عند الله لنزل جملة كتلك الكتب وقائل ذلك قريش.
وقيل اليهود وذلك فضول من الكلام ومماراة بما لا يجدي لان امر الاعجاز والاحتجاج به لا يختلف بنزوله جملة او مفرقا ولو كان كلام بشر يقوله بمهلة وتفكر تهذيبا له لفعلوا مثله وقد عجزوا ان يأتوا بنجم واحد من نجومه وتحدوا باصغر سورة انما يصح ان يقولوا: (لولا انزل عليه جملة واحدة) لو قدروا عليه (منجما) ومعنى قولي باصغر سورة بسورة قليلة الالفاظ ولست اعني تصغير شيء من القرآن.
{ كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ } الكاف متعلقة بمحذوف اي لم ينزل عليه القرآن جملة وانزلناه مفرقا والاشارة إلى عدم انزاله جملة وهو انزاله مفرقا وذلك المحذوف دل عليه قولهم لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة لانهم مما طلبوا نزوله جملة الا وقد كان ينزل مفرقا ولا بد من ذلك التقدير ولو على القول بعدم تعلق الكاف وهو ضعيف وبذلك المحذوف تتعلق اللام ايضا.
ويجوز ان يكون كذلك صفة لمصدر محذوف وذلك من كلام الله واما كلام الكفرة فتم في قوله جملة واحدة.
ويجوز ان يتم قولهم في قوله ذلك ويبتدئ كلام الله بقوله { ليثبت } الخ فتكون الاشارة إلى ما سبق من كتب الله فتعلق الكاف بـ (نزل) قبلها أو يجعل كذلك نعتا لمصدر محذوف وتعلق اللام بمحذوف اي انزلناه مفرقا أو لم ننزله جملة لنثبت به فؤادك.
وتثبيت فؤاده تقويته على حمل الاذى والصبر فانه إذا نزل عليه جبريل تجدد عهده وزال همه أو المراد تقوية قلبه بتفريقه على حفظه شيئا فشيئا لانه لا يكتب ولا يقرأ بخلاف موسى وداود وعيسى فلو نزل عليه جملة ما قدر على تلقفه أو المراد تقوية قلبه لنزوله بحسب الوقائع فان نزوله بحسبها يوجب مزيد بصيرة وغوصا في المعنى وايضا فان كل نجم منه معجز فيكون معجزا لهم عند كل نجم فيطمئن قلبه لذلك ويثبت وايضا في نزوله مفرقا معرفة الناسخ والمنسوخ وانضمام القرائن الحالية إلى الدلالات القطعية فانه يعين على البلاغة.
{ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } معطوف على الجملة المقدرة للكاف أو اللام أو للام.
قال ابن عباس: بيناه تبيينا.
وقيل: أتبنا به آية بعد آية أو اكثر في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين اقوال بحسب اقامته بعد البعث بمكة.
واصل الترتيل في الاسنان وهو وتفليجها.