التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً
٥٠
-الفرقان

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلَقَدْ صَرَّفَنَاهُ } اي الماء * { بَيْنَهُمْ } مرة ببلدة ومرة ببلدة ومرة في وقت ومرة في وقت آخر ومرة وابلا ومرة طلا ومرِة جودا ومرة رذاذا ومرة ديمة ومرة رهاما.
وقيل: المراد تصريفه جعله مرة في بلدة وأخرى في أخرى.
وقيل: المراد كونه على تلك الصفات من وابل وغيره.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما "ما عام بأَمطر من عام ولكن الله سبحانه وتعالى قسم ذلك بين عباده على ما شاء" وتلا هذه الآية.
وفي رواية عنه: ولكن الله يصرفه في الارض.
وعن ابن مسعود: يرويه "ليس من سنة بأمطر من سنة ولكن الله عز وجل قسم هذه الارزاق فجعلها في هذه السماء الدنيا فهذا القطر ينزل منه في كل سنة بكيل معلوم ووزن معلوم وإذا عمل قوم بالمعاصي حول الله عز وجل ذلك إلى غيرهم واذا عصوا جميعا صرفه الله إلى البحر وإلى ما لا ينتفعون منه.
وروي مرفوعا "ما من ساعة من ليل ولا نهار الا والسماء تمطر فيها يصرفها الله حيث يشاء".
ويحتمل أن يكون المراد (صرفناه) بينهم في الانهار أو في المنافع.
وقيل: الضمير للريح والريح يذكر ويؤنث.
وقيل: الضمير للقرآن.
قيل: ويعضده قوله
{ وجاهدهم به جهادا كبيراً } فان الظاهر ان هاءه للقرآن.
وقيل: الهاء عائدة إلى القول اي (لقد صرفنا هذا القول بين الناس في القرآن وسائر الكتب).
{ لِيَذَّكَّرُوا } ليتفكروا في قدرة الله ويعرفوا كمالها ويعرفون حق النعمة في ذلك فيشكروها أو ليعتبروا بصرف المطر عنهم والريح أو بالصرف إليهم والاصل ليتذكروا ابدلت التاء ذالا وادغمت في الذال.
وقرئ بسكون الذال وضم الكاف وهو قراءة حمزة والكسائي.
وروي ان الملائكة يعرفون عدد المطر ومقداره في كل عام لانه لا يختلف ولكن ينزع من موضع لآخر { فَأَبَى } كره.
{ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } كفران النعم بان لم يستعملوها في الطاعة أو الكفور جحودها بقولهم مطرنا بنوء كذا؛
"صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في أثر سماء من الليل وأَقبل على الناس فقال: هل تدرون ما قال ربكم قالوا: الله ورسوله أَعلم قال: أَصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فمن قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب ومن قال: مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب" .
وان قلت: فهل يكفر من يعتقد ان المطر والانواء خلق لله عز وجل وان الانواء دليل على المطر؟ قلت: لا.
وعنه صلى الله عليه وسلم
"لو حبس الله المطر عن أُمتي عشر سنين ثم صبه عليهم لأَصبحت طائفة منهم كافرين يقولون مطرنا بنوء كذا"
وعن الحسن عنه صلى الله عليه وسلم "ثلاثة لا يدعهن الناس الفخر في الأَحساب والعز في الأَنساب والإِستسقاء بالانواء"