التفاسير

< >
عرض

قَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلأَرْذَلُونَ
١١١
-الشعراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قَالُوا أَنُؤمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ } الواو واو الحال بلا تقدير قد وقدرها بعضهم وهو مذهب الكوفيين والأخفش والأرذلون جمع أرذل جمع مذكر سالم وتكسيره أراذل وهم الأقلون جاها لضعة نسبهم أو قلة ما لهم أو لدناءة صنعتهم كالحياكة والحجامة والصناعة لا تزري بالديانة لكن لقلة عقولهم وقصورها على الدنيا اعتقدوا أن إيمان الارذلين به مانع من اتباعهم له ودليل على بطلان ما يدعوه اليه وان الأرذلين آمنوا بديهة وطمعا في المال والجاه لا على بصيرة أو ما علموا أن اتباع الرسل المستضعفون ثم ينمون ويعظمون وكانت قريش تقول في سلمان وابن مسعود وأبي ذر وخباب وعمار وغيرهم انهم ضعفاء أراذل، وكان أبو سفيان بن حرب وتجار من قريش في الشام ودعاهم هرقل فقال له بترجمان: كيف نسب هذا الذي يزعم انه نبي؟ قال ابو سفيان: هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال أحد منكم قبله ما يقول؟ قال أبو سفيان: لا، قال: فهل كان من آبائه ملك؟ قال ابو سفيان: لا، قال: فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاءهم؟ قال: لا بل ضعفائهم، قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قال: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد ان يدخل فيه؟ قال: لا، قال: فهل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا. قال: فهل يغدر؟ قال: لا. قال: فهل قاتلتموه؟ قال: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قال: الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا وننال منه. قال: ماذا يأمركم به؟ قال: يقول اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة. فقال للترجمان: قل له سألتك عن نسبه فذكرت انه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها، وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول قبله فذكرت ان لا، وسألتك هل كان من آبائه من ملك فذكرت ان لا، فلو كان من آبائه من ملك لقلت رجل يطلب ملك أبيه. وسألتك: هل تتهمونه بالكذب قبل قوله فذكرت أن لا، فقد اعرف انه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاءهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه وهم اتباع الرسل. وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت انهم يزيدون، وكذا أمر الايمان حتى يتم. وسألتك: أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ ذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حتى تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد، وسألتك هل يغدر فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك بماذا يأمركم به؟ فذكرت انه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وينهاكم عن عبادة الأوثان ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف فان كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظن انه منكم، وعن عكرمة الأرذلون الحاكة والأساكفة وهم من يعملون الأخفاف أو كل صانع أو البخارون وكل صانع بحديد، وقرأ يعقوب (واتباعك) بالرفع فهو مبتدأ خبره الأرذلون وقرأ اليماني (واتباعك) بالجر عطفا على محل الكاف بلا إعادة الجار وهو جمع تابع كشاهد واشهاد او تبع كبطل وابطال قال بعضهم لا يستعمل الأرذلون إلا معرفا او مضافا أو بمن وهو باطل.