التفاسير

< >
عرض

نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ
١٩٣
-الشعراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ } هو جبريل فانه أمين على وحي الله والباء للتعدية أي انزله الروح الأمين بأمر الله من السماء إلى الأرض أو للمصاحبة وقرأ بن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائي بتشديد الزاي نصب الروح الأمين والباء للمصاحبة أي أنزل الروح الأمين الله مع القرآن أو للتعدية أي جعل الله الروح الأمين نازلا به أي موصلا إياه اليك وعليها اقتصر جار الله والمصاحبة أظهر في القراءة الأولى وفي ذلك تقرير لكون القصص المذكورة حقا وتنبيه على اعجاز القرآن ونبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فان اخباره إياهم بها مع انه لم يتعلمها لا يكون إلا وحيا وانزال القرآن تعليمه لجبريل وتأديته الى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم إظهار قراءته وانما يأخذه الملك من اللوح وقيل يلهمه الله فينخلع الملك إلى صورة البشر فيؤديه قبل أو ينخلع الرسول صلى الله عليه وسلم الى صورة الملكية وهذا أضعف وأصعب وللوحي كيفيات الأولى أن يأتي مثل صلصة الجرس وهي أشد سائر الكيفيات عليه صلى الله عليه وسلم والمراد انه صوت لا يفهمه في حال سماعه بل بعد وقيل هو صوت أجنحة الملك والحكمة في ذلك أن لا يبقى في قلبه موضع لغير الوحي وسأله ابن عمر هل تحس بالوحي قال: " اسمع صلاصل ثم اسكت فما من مرة يوحى الي الا ظننت أن نفسي تقبض " وقيل إنما ينزل على تلك الكيفية ما كان وعيدا وتهديدا، الثانية أن يفنث في روعه أي يلقي في قلبه قال صلى الله عليه وسلم " إن روح القدس نفث في روعي " وقيل هذه ترجع إلى الأولى، والثالثة أن يأتيه في صورة الرجل فيكلمه كما قال صلى الله عليه وسلم " وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول " زاد بعض قومنا " وهو أهون عليّ " ، الرابعة أن يأتيه الملك في النوم وعد بعضهم منها سورة الكوثر قال أنس غفا رسول الله صلى الله عليه وسلم غفوة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما أضحكك فقال: " نزلت عليّ آنفا سورة " فقرأ سورة الكوثر والظاهر أن القرآن نزل كله في اليقظة ولو كانت رؤيا الأنبياء وحيا ولا مانع من أن يقال مراده بالغفوة تلك الحال التي تعتريه عند الوحي.