التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ
٦٦
-الشعراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ } فرعون ومن معه بإطباق البحر عليهم و (ثم) للتربيب والاتصال هناك كالفاء أو للانفصال باعتبار أول الانجاء وآخره الاغراق أو باعتبار مزية إغراق فرعون ومن معه على إنجاء موسى ومن معه بأن يريد أن كلا نعمة عظيمة لا يستغني عنها لكن الاغراق على المنزلة بعيدها على الانجاء وروي أن مؤمن آل فرعون كان بين يدي موسى يسير فيقول: أين أمرت يا رسول الله؟، فيقول: أمامك، فيقول له المؤمن: وهل أمامي إلا البحر؟ فيقول: والله ما كذبت، ثم يسير ساعة فيلتفت فيقول: أين أمرت يا رسول الله؟ فيقول: أمامك، فيقول له المؤمن: وهل أمامي إلا البحر؟ فيقول: والله ما كذبت، ثم يسير ساعة فيلتفت فيقول: أين أمرت يا رسول الله؟ فيقول: أمامك، فيقول: وهل أمامي إلا البحر، فيقول والله ما كذبت، ولما انتهوا أمره الله بضرب البحر.
وعن عطاء ابن السائب أن جبريل كان بين بني اسرائيل: والقبط يقول لبني اسرائيل: رويدا ليلحق آخركم أولكم، ويقول ذلك للقبط فكان القبط يقولون: ما رأينا أحسن من هذا الرجل، وبنو اسرائيل يقولون: ما رأينا أحسن سياقة من هذا الرجل، فلما انتهى موسى إلى البحر قال له مؤمن آل فرعون وكان بين يديه أين أمرت يا رسول الله فهذا البحر أمامك وقد غشيك آل فرعون؟ قال: أمرت بالبحر لعلي أؤمر بها اصنع، فأوحى الله سبحانه اليه أن اضرب البحر فضربه فلم ينفلق فيما قيل وأوحى الله اليه كانه فضربه فقال: أنفلق يا أبا خالد، فانفلق فكان فيه اثنا عشر طريقا لكل سبط طريق خاف كل أهل طريق أن يكون أصحابهم ماتوا فأوحى الله إلى الماء أن يكون عيونا كالشبكة.
وروي أن يوشع وحزقيل وهو المؤمن المذكور كانا مع موسى ولما وصلوا البحر رأوه يجري بأمواج كالجبال فقال يوشع: يا كليم الله أين أمرت فقد غشينا فرعون والبحر أمامنا؟ قال موسى: هاهنا فخاض يوشع البحر وقال المؤمن كذلك، فقال له: هاهنا فألجم فرسه وأقحمه فغاب في الماء فصار القوم يفعلون ذلك ولا يقدرون فأوحي اليه بالضرب فضرب فإذا الرجل واقف على فرسه ولم يبتل فرسه ولا سرجه ولا لبده ولا شيء غير ذلك فدخلوا في الطرق وخرجوا وما ابتل منهم شيء.
وروى أن موسى قال عند ذلك يا من كان قبل كل شيء والمكون لكل شيء والكائن بعد كل شيء.