التفاسير

< >
عرض

فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ
٧٧
-الشعراء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَإِنَّهُمْ } أي ما يعبدون من الأصنام.
{ عَدُوُّ لِّي } وسكن الياء غير نافع وأبي عمر والعدو يطلق على القليل والكثير وأصله وصف علي فعول كصبور تغلبت عليه الاسمية واستعمل كذلك للقليل والكثير وزعم القاضي وأعني به البيضاوي أنه في الأصل كالقبول أو بمعنى النسب ووجه كونهم أعداء له انه ينكرهم وببغضهم فيكف يعبدهم كما عبدوه هم وآباؤهم الأقدمون فقد تجعل أحدا عدوا لك وليس هو معاديا لك فلا يقال: كيف توصف الأصنام بالعداوة وهي لا عقل لها وقبل لما نزلها الكفار منزلة العقلاء وصفها بها وقيل وصفها بها على طريق عودها ضررا عليه يوم القيامة لو عبدها في الدنيا ويجوز أن تخرج الآية على الالفتات الأصل عدو لكم فصور الأمر في نفسه ليكون أدعى إلى القبول كأنه قال فكرت في أمري فرأيت عبادتي لها ولم يعبدها قط عبادة للعدو الذي هو أعدى الأعداء وهو إبليس لعنه الله وهو الذي يغري على عبادتها أو رأيت عبادتي لها ضررا إلى الآخرة فوق ضرر العدو في الدنيا فاجتنبتها وآثرت عبادة من الخير كله منه وأراهم أن ذلك نصيحة نصح بها نفسه فيقولون ما أراد بنا الا ما أراد بنفسه وفي ذلك تعريض ولو شرك الالتفات والتعريض وصرح بالمراد مثلا أن يقول: عدو لكم لم يكن الكلام إلى القبول باعثا مثل ذلك البعث وكثيرا ما يبلغ التعريض للمنصوح مالا يبلغ التصريح لأنه يتأمل فقد يقوده التأمل إلى المراد وعاب الشافعي رجل في حضرته بشيء لم يكن فيه فقال: لو كنت بحيث أنت لا حتجت إلى أدب، يريد انما قلت ليس فيّ واني لو كنت مثلك في البهت لا حتجت إلى أدب بالعصى أو إلى أدب في أحوال وانك غير أديب.
وسمع رجل أناسا يتحدثون في الحجر فقال ما هو ببيتي ولا بيتكم، يريد اسكنوا فانه ليس محل كلام كبيوتنا.
{ إِلا رَبَّ العَالَمِينَ } استثناء منفصل أي لكن رب العالمين أعبده أو متصل لانما يعبده اياه وهم شامل لله سبحانه وتعالى وللأصنام لأن من آبائهم من يعبد الله عز وجل وعلى الأول فالمراد انما تعبدون هو الأصنام فقط.