التفاسير

< >
عرض

يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَٱعْبُدُونِ
٥٦
-العنكبوت

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَا عِبَادِىَ } بفتح الياء وتسكن في الوقف وحذفها ابو عمرو في الوصل وكذا الكسائي والظاهر انهما يثبتانهما في الوقت ساكنة لثبوتها في جميع المصاحف.
{ الِّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي } فتح ابن عامر هذه الياء.
{ وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } اي اذا لم تسهل لكم العبادة في بلد أنتم فيه ولم يتمش لكم أمر الذين كما تحبون فهاجروا الى بلد تجدون فيه ذلك وتكونون أسلم قلوباً وأصح دينا وأكثر عبادة وأحسن خشوعاً، قال جار الله: ولعمري إن البقاع تتفاوت في ذلك التفاوت الكثير ولقد جربنا وجرب أولونا فلم تجد فيما درنا أو داروا أهون على قهر النفس وعصيان الشهوة وأجمع للقت والملتفت وأضم للهمم المنتشرة وأحث على القناعة وأطرد للشيطان وأبعد من كثير من الفتن وأضبط للأمر الديني في الجملة من سكنى حرم الله وجوار بيت الله فلله الحمد على ما سهّل من ذلك وقرّب ورزقَ من الصبر وأوزع من الشكر. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من فر بدينه من أرض إلى أرض وان كان شبراً من الأرض استوجب الجنة وكان رفيق ابراهيم ومحمد " وقيل نزل ذلك في المستضعفين من أهل مكة الذين نزل فيهم { ألم تكن أرض الله واسعة } الخ.
لأن أمر دينهم لا يتم بين الكفرة، والهجرة عندي واجبة.
ولو بعد الفتح اذا لم يجد المسلم إقامة دينه ولو سراً سواء كان ذلك لتضييق مشرك او منافق عليه، وجائزة مندوبة في غير ذلك والفاء في جواب شرط محذوف اي ان لم تخلص لكم العبادة فاخلصوها في اخرى وأيا مفعول لمحذوف على الاشتغال والفاء بعده زائدة أو في جواب اما محذوفة والأصل فاعبدوني فاعبدوني حذفت أعبد الأول فانفصل ضمير النصب لحذف عامله وإيا مفعول لمحذوف مقدر بعده للحضر لا على الاشتغال أي فإياي اعبدوا، وقيل: إياي مفعول للمذكور بعده والياء المحذوفة من المذكور بعده تأكيداً لإياي والأصل اعبدوني إياي قدمت الياء المتصلة بالنون فانفصلت فكان مكانها إياي فاتصلت إياي بعدها بالنون وحذفت بعد ان كانت ضميرا متصلا هكذا فاعبدوني وقيل: انها نزلت في ضعفاء مسلمي مكة وان الأرض المدينة وان واسعة بمعنى آمنة وقيل: نزلت في قوم تخلفوا عن الهجرة خشية ضيق المعيشة فلم يعذروا ولذا قيل: معنى ان ارضي واسعة ان رزقي واسع فاخرجوا، وقال سعيد بن جبير: اذا عمل في أرض بالمعاصي فاهربوا منها ان ارضي واسعة وقيل اذا امرتم بالمعاصي فاهربوا فان ارضي واسعة قيل وكذلك يجب على كل من كان في بلدة يعمل فيها بالمعاصي ولا يمكنه بغيرها ان يهاجر وكذا قال سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد ومالك.