التفاسير

< >
عرض

تُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَتُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
٢٧
-آل عمران

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ تُولِجُ اللَّيْلَ فى الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فى الْلَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }.
هذا برهان تقرير القدرة، فإن من قدر على الأفعال العظيمة المحيرة للأفهام من أدخل الليل فى النهار، وأخرج الحى من الميت وعكسهما، وعلى رزق من يشاء بغير حساب قادر على نزع الملك من العجم، وعلى إذلالهم ونزع النبوة من بنى إسرائيل، وإيتاء الملك، والعز والنبوة.
وأصل الإيلاج: الإدخال فى مضيق، والمراد هنا النقص من الليل والزيادة فى النهار، والنقص من النهار، والزيادة فى الليل، فإذا تم نقص الليل كان تسع ساعات، والنهار خمس عشرة، وإذا تم نقص النهار، فبالعكس. وقيل: معنى إيلاج أحدهما فى الآخر، تعقيب أحدهما بالآخر، والأول أصح
ومعنى إخراج الحى من الميت، والميت من الحى إن شار الحى من الإنسان وسائر الحيوان، من النطفة الميتة، وإخراج الميت وهو النطفة من الحى وكذا يخلق الملك وهو حى من النور، ويخلق بعض الحشرات من التراب، وكذا خلق آدم وهو حى من التراب وهو ميت، والحوت وهو حى، من الميت وهو الماء، ومن الشجر ينشأ فى بعض المواضع، ويخلق من الحى ميتاً كالبيضة وهى ميتة، حياً وهو طائر، ويلد الأعمى بصيراً ويلد البصير أكمه ويلد الأعود صحيح العين، وصحيحهما أعور.. وهكذا وما أشبه ذلك. وقيل: المراد إخراج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن وهذا مدح للمؤمن إذ قلبه منور، وذم للكافر إد كان لا ينفع نفسه كالميت، وبهذا فسره الحسن وسليمان،
"وعن الزهرى أن النبى صلى الله عليه وسلم، لما سمع نغمة خالدة بنت أسود بن يغوث فقال: من هذا فأخبر بها، فقال صلى الله عليه وسلم: سبحان الذى يُخْرجُ الحى من الميت" ، وكانت امرأة صالحة وأبوها كافر، والجمهور على أن الحياة والموت فى الآية على الحقيقة، كالقول الأول وغيره، ولكن اختلف فى تسمية ما لم يكن حيا ميتا، هل هو حقيقة؟ وبذلك القول الأول يقول ابن مسعود وعكرمة، لكن ابن مسعود مثل بالإنسان والنطفة، وعكرمة بالدجاجة والبيضة، وقال السدى عن أبى مالك: المراد الحبة من السنبلة، والسنبلة من الحبة، والنخلة من النواة، وبالعكس. وهكذا قرأ ابن كثير وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر: بتخفيف الياء من الميت باسكان.