التفاسير

< >
عرض

فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ
٤
بِنَصْرِ ٱللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ
٥
-الروم

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فِي بِضْعِ سِنِينَ } وعن بعض العلماء البضع ما بين الثلاث إلى السبع وقيل الى العشر فخرج أبو بكر ولقي أبيا فقال: لعلك ندمت فقال: لا فقال ازايدك في الخطر واماددك في الأجل فجعلاها مائة قلوص الى تسع سنين وقيل: الى سبع فخاف أُبي خروجه من مكة فلزمه وقال. أخاف خروجك فأقم لي كفيلاً فكفله ابنه عبدالله بن ابي بكر ولما أراد أُبي الخروج إلى أحد اتاه عبدالله فلزمه فقال لا والله لا ادعك حتى تعطيني كفيلا فأعطاه كفيلا وخرج الى احد ثم رجع الى مكة ومات بها من جرح جرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بارزه وظهرت الروم يوم الحديبية على رأس سبع وقيل يوم بدر فينفق نصر الروم على الفرس ونصر المسلمين على المشركين في يوم واحد وأخذ ابو بكر الخطر من ورثة أبي وجاء به الى النبي صلى الله عليه وسلم وذلك قبل تحريم القمار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " تصدق به " وقيل: مات أبي بعد رجوعه الى مكة وقبل الوصول إليها وروى ان ابا بكر قال لهم: ليغلبن الروم فارس الى ثلاث سنين فذكر للنبي ذلك فقال له: ما مر فراد في الخطر والأجل كما مر مضت ثلاث السنين قالت المشركون: قد مضى الوقت وقال المسلمون: هذا قول ربنا وتبليغ نبينا والبضع ما بين الثلاث والسبعة ما لم تبلغ العشرة والموعود كأين وإنما حرم القمار بعد غزوة الأحزاب وزعم ابو حنيفة ومحمد: أن العقود الفاسدة من عقود الربى وغيره جائزة في الحرب بين المسلمين والمشركين لفعل ابي بكر وقري { الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون } ببناء غلبت للفاعل ويغلب للمفعول فتكون إضافة الغلب الى الهاء إضافة مصدر لفاعله وذلك ان الروم غلبت ريف الشام وهو الأرض التي فيها زرع وخصب وسيغلبهم المسلمون في سنين وقد غزاهم المسلمون في السنة التاسعة من نزول الآية وفتحوا بعض بلادهم وهذه الآية من الآيات البينات الشاهدة على صحة النبوة وان القرآن من عند الله لأنها أخبار الغيب الذي لا يعلمه إلا الله وخرج على وفق الأخبار فائدة لبضعة وبضع حكم تسعة وتسع في الإفراد والتركيب وعطف عشرين وأخواتها نحو لبثت بضعة أعوام وبضع سنين وعندي بضعة عشر غلاما وبضع عشرة أمة وبضعة وعشرون كتاباً وبضع وعشرون صحيفة ويراد ببعضة من ثلاثة إلى تسعة وببضع من ثلاثة إلى تسع وقيل البضعة والبعض أربعة وثمانية وما بينهما وقيل الواحد والعشرة وما بينهما وقيل أربعة وتسعة وما بينهما وقال الفراء: من الواحد الى تسعة بدخولها والجمهور على أنهما يصاحبان العشرة والعشرين الى التسعين فلا يصاحب المائة والألف وقيل لا يصاحب إلا العشرة ويرده نحو قوله صلى الله عليه وسلم: " الإيمان بضع وستون شعبة " وفي رواية " وسبعون " ونقل الكرماني أنه يصاحب المائة والألف ومعناه نيف لكن لا يجب ذكره مع العقل بخلاف نيف فإنه يجب ذكره معه ولا تلحق التاء نيفا والمشهور كسرباء بضعا وبضعه وبضع العرب فتحها.
{ للهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } أي من قبل غلب الروم ومن بعده أي أن ظهور فارس على الروم والروم على فارس بأمر الله أي إرادته وقرىء { من قبلُ ومن بعد } بالتنوين والجر { ومن قبل ومن بعد } بالجر بلا تنوين الاولى من القطع عن الاضافة لفظا ونية معناها والثانية من القطع عنها لفظا ومعنى والثالثة من نية لفظها ومعناها.
{ وَيَؤمَئِذٍ } اي يوم إذ تغلب الروم الفرس وبعض يقدر إذ غلبت الروم الفرس بصيغة الماضي ما على أن الماضي بمعنى المضارع وما لتحقيق الوقوع فكان الغلبة واقعة.
{ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ } لمن له كتاب وهو الروم على من لا كتاب له وهو الفرس وقيل المراد نصر الروم ونصر المؤمنين لأنهم نصروا في يوم واحد ويجوز أن يكون المراد نصر المؤمنين أي أن نصرهم يقع يوم غلبت الروم الفرس فلهم فرح في ذلك اليوم وقيل نصر الله أظهر صدق المؤمنين فيما أخبروا به المشركين من غلبة الروم على الفرس وقيل نصر الله أنه ولى بعض الظالمين بعضا فتناقبوا وتناقضوا وفي ذلك قوة الإسلام.
{ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ } بيده النصر ينصر من يشاء في وقت شاء وعنه صلى الله عليه وسلم:
" إذا مات كسرى فلا كسرى بعده وإذا مات قيصر فلا قيصر بعده " .
{ وَهُوَ العَزِيزُ } الغالب.
{ الرَّحِيمُ } بالمؤمنين او المعنى ينتقم من عباده بالنصر عليهم تارة ويتفضل عليهم بنصرهم تارة.