التفاسير

< >
عرض

وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ
١٤
-لقمان

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدِيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُهُ } هذه الجملة معترضة اكد بها التوصية كأنه قيل كيف لا يبذل جهده في الاحسان اليهما وقد ولداه وتكفلا به ولا سيما الأم فانها حملته.
{ وَهْناً } مفعول مطلق لمحذوف والمحذوف حال من الأم اي تهن وهنا او واهنة وهنا.
{ عَلَى وَهْنٍ } متعلق بمحذوف نعت لوهنا والوهن الضعف اي يتزايد ضعفها بتزايد ثقل الحمل او ضعفت للحمل وضعفت للطلق وضعفت للولادة وقرىء { وَهْناً عَلَى وَهْنٍ } بفتح الهائين وهو رواية عن ابي عمرو وقيل وهنا على وهن علقة بعد نطفة وهكذا اي وهن وهنا او واهنا وهنا على وهن فصاحب الحال هاء حملته فائدة من سكن هاء الوهن فانه يقول وهن يهن كوعد يعد من باب ضرب ومن فتحها فانه يقول وهن يوهن كوجل يوجل من باب علم.
{ وَفِصَالُهُ } فطامه وانقطاعه عن الرضاع.
{ فِي عَامَيْنِ } عن الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
" لا رضاع بعد الفطام " وكان عمر وابن عباس لا يريان الرضاع بعد الحولين شيئا وهو ظاهر القرآن وقد قرىء (وفصله) فلو مص لبن امرأة بعد تمام العامين لجاز له تزوجها وهو مذهب الشافعي وابي يوسف ومحمد فالعامان الغاية التي يكون بها الرضاع عاما كاملا كما قال الله عز وجل { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } وما دون العامين موكول الى اجتهاد الام ان علمت انه يقوى على الفطام فلها ان تفطمه.
وقال أبو حنيفة مدة الرضاع ثلاثون شهرا وعنه ان فطمته قبل العامين فاستغنى بالطعام ثم ارضعته لم يكن رضاعا وان اكل اكلا ضعيفا لم يستغن به عن الرضاع ثم ارضعته فهو رضاع محرم فانظر شرح النيل.
{ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } تفسير بوصينا وان اجزت دخول ان المصدرية الخفيفة على الأمر فلك تقدير لام التعليل قبل ان فتعلق بوصينا ولك جعل { أَن اشْكُرْ } في التأويل بدلا من والديه بدل اشتمال بالنسبة الى ان ولوالديك وبه تصح البدلية وقدر بعضهم القول قبل ان وهو غلط فان ان التفسيرية لا تقع بعد لفظ القول { وحمله وِفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } كجملة { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ } معترضة بين التوصية بالوالدين والشكر لله سبحانه ولهما لتأكيد التوصية بالوالدة اذ كانت تكابد امر الحمل والرضاع ومشاقهما في مدة طويلة ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه سلم لمن قال له من أبر؟ بفتح الباء من باب علم او بكسرها من باب ضرب قال:
" أُمك ثم أُمك ثم أُمك " ثم قال بعد ذلك " ثم أباك " وحمل بعض العرب امه الى الحج على ظهره وهو يقول:

احمل أمي وهي الحمالةترضعني الذرة والعلالة

ولا يجازي والد فعاله الدرة بفتح الدال مفرد الدر وهو اللبن وبضم الدال مفرد الدر وهو اللؤلؤ وبكسر الدال وهي التي يضرب بها والعلالة بقية اللبن والحلبة بين الحلبتين.
وعن سفيان بن عيينه من صلى الصلوات الخمس فقد شكر لله ومن دعا للوالدين في ادبار الصلوات الخمس فقد شكر لهما.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" رضى الرب مع رضى الوالد وسخط الرب مع سخط الوالد " قال: قال رسول الله صلىا لله عليه وسلم " من أصبح بارا بوالديه أصبح له بابان مفتوحان الى الجنة وان كان واحدا فواحد وان ظلماه وان ظلماه وان ظلماه " وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان فوق كل بر برا حتى ان الرجل ليهريق دمه لله وان فوق كل فجور فجورا حتى ان الرجل ليعق والديه.
وشكر الله فوق شكر الوالدين وغيرهما فان كل نعمة من الله سبحانه وتعالى جرت على يد الوالدين وغيرهما ونعمته دنيوية واخروية.
{ إلَيَّ المَصِيرُ } المرجع فاحاسبك على الشكر والكفر.
قيل نزلت تلك الآية في سعد بن ابي وقاص وامه على ما مر في سورة العنكبوت.
وروي انها مكثت ثلاثا لا تطعم ولا تشرب فتحوا فاها بعود.