التفاسير

< >
عرض

أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً
١٩
-الأحزاب

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أشحة } الخ.. حال من (ولو يأتون) وقيل منه ومن المعوقين يعني ومن القائلين ان قلنا انهم عبدالله بن ابي ومن معه وانهم غير المعوقين ايضا وان قلنا انهم فريق واحد فذلك القائل استغني عنهم بالمعوقين وان قلنا القائلون اليهود فلا تصح الحالية منهم او هو مفعول لمحذوف اي ذم اشحة وهو جمع شحيح واصله اشحة كأرغفة نقلت كسرة الحاء الاولى للشين فأدغمت في الثانية.
{ عليكم } يا معشر المؤمنين أي بخلا عليكم بالمعونة في أمر القتال ونحوه وبالنفقة في ذلك ونحوه من أمور الآخرة ومنافعكم.
{ فإذا جاء } حضر وقيل اشتد.
{ الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم } حال من ولو ينظرون.
{ كالذي يغشى عليه } أي كنظر الذي أو دورانا كدوران عيني الذي او حال كونهم كالذي أو حال كون أعينهم كعين الذي.
{ من الموت } أي لاجل الموت أي لسكراته وانما ينظرون اليه خوفا والتجاء اليه حتى انهم كالمحتضر يذهب عقله ويشخص بصره ولا يطرق.
{ فإذا ذهب الخوف } زال وحيزت الغنيمة ووقعت القسمة.
{ سلقوكم } آذوكم وضربوكم شبه الأذى باللسان بالضرب بنحو العصا وقريء { صلقوكم } بالصاد.
{ بألسنة حداد } ذربة يطلبون الغنيمة ويقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفر قسمتنا فإنا قد قاتلنا معكم وبنا غلبتم عدوكم ووصفها بالحدة تشبيها لها بنحو السيف.
وقال ابن عباس: عتبوكم بألسنة حداد وقالت فرقة: هذا السلق هو مخادعة المؤمنين مما يرضيهم من القول على جهة المصانعة ولا ينافي هذا القول وصف الألسنة بالحدة فإن المراد بالحدة التأثير وهي كما تؤثر شرا تؤثر خيرا وقيل السلق الصياح.
{ أشحة } حال من ولو سلقوكم او منصوب على الذم وتؤيده قراءة بعضهم بالرفع على انه خبر لمحذوف.
{ على الخير } قيل يدل على عموم الشح في قوله سبحانه { أشحة عليكم } وقيل المراد بالخير المال والغنيمة فعلى الأول يكون قوله { أشحة على الخير } تأكيدا في المعنى لقوله { أشحة عليكم }، وعلى الثاني يكون مفيدا ما لا يفيد الأول وفسره بعض بالقتال وعبارة جار الله وقريء { أشحة } بالرفع و{ صلقوكم } بالصاد وظاهره ان قراءة الرفع في أشحة الاول او فيه مع الثاني والمتبادر الاول وصرح القاضي بها في الثاني فقط والشح والبخل مترادفان وقيل اشد من البخل يكون في المال والنفس والبخل في المال. وقال طاووس: هو ان يبخل بما في يد غيره، والبخل بما في يده.
وقال ابن عمر: هو ان تريد أخذ مال غيرك، والبخل امساك مالك وانظر القناطير.
{ أولئك لم يؤمنوا } حقيقة والايمان في لسانهم فقط.
{ فأحبط الله أعمالهم } من جهاد وغيره الذي يظهر ان عمل من أشرك بشرك وعمل من يعمل بهزءوا وخوفا من الناس لا تكتبها الملائكة في الصحف وان الاحباط مستعمل في معنى عدم القبول فاستعمل الخاص وهو الاحباط فانه حقيقة في ابطال ما قد أثبت في العام وهو مطلق عدم القبول وهؤلاء اسروا الشرك او عملوا بخوف فاظهر الله جل وعلا ان أعمالهم غير مقبولة وانها باطلة او اثبتت الملائكة أعمالهم في صحفهم على انهم لم يعلموا ما غاب في القلب من نحو الشرك فأحبطها الله وأبطلها بعد اثباتهم لها وأعلمتنا بذلك وان احباطها مسبب عن عدم ايمان قلوبهم كما تدل عليه الفاء فيجب على المكلف اتقان ايمانه قبل كل شيء اذ كل عمل مع عدم اتقانه باطل وكل من عمل لرياء وسمعة كهؤلاء فلخلل في ايمانه مثلهم فانهم لما لم يؤمنوا كان ما عملوا لم يعملوه لله بل رياء وسمعة واضطرارا ولو كان بينهم وبين الموحد العامل فرق.
{ وكان ذلك } أي احباط اعمالهم.
{ على الله يسيرا } سهلا كغيره من جميع الاشياء فانه لا شيء يصعب على الله حاشاه لتعلق الارادة وعدم المانع.