التفاسير

< >
عرض

ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً
٤٣
-فاطر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ استكبارا في الأرض } عن الايمان وانما قال في الارض ايماء الى ان استكبارهم من جملة الفساد في الارض المستقبح ولو في العقول وهو بدل من نفورا بدل مطابق فان النفور عن الايمان والتكبر عنه واحد فان التكبر عن الشيء تجنب عنه او مفعول لاجله عامله نفورا كانه قيل ان النفور الذي هو لاجل كبرهم ما زادهم اياه الا النذير ومجيئه وهذا على ان الاستكبار مراد به الاستكبار الذي طبعت عليه النفس مطلقا او حال أي ذوي استكبار او مستكبرين.
{ ومكر السيء } معطوف على استكبار او على نفور والسيء نعت لمكر محذوف اي ومكر المكر السيء كانه قيل ما زادهم الا ان نفروا وان استكبروا وان مكروا المكر السيء او لان استكبروا ولئن مكروا المكر السيء ناب المصدر عن الفعل وحرف المصدر او وماكرين او ذوي مكر وقرأ حمزة باسكان الهمزة في الوصل لاستثقال الحركات مع الياء والهمزة ولا سيما ان الياء مشددة والحركة كسرة كذا روي عنه ولعله اختلس فظن سكونا او وقف وقفة خفيفة واسكانها ورومها في الوقف جائزان، وقرأ ابن مسعود ومكرا سيئا والمكر السيء هو اجتماعهم على الشرك او مكرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم.
{ ولا يحيق } يحيط وينزل ولا يستعمل الا في الشر.
{ المكر السيء إلا بأهله } وقرىء بضم ياء يحيق ونصيب المكر السيء أي لا يحيق الله وقد حاق بهم يوم بدر قتلوا واسروا فالقتل والاسر مكرا حاقة الله بهم في الدنيا ولهم في الاخرة ما هو اشد وذلك جزاء شركهم او مكرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم على الخلف في المكر السيء هل هو شركهم او مكرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد قال ابن عباس في تفسير الآية عاقبة الشرك لا تحل الا بمن اشرك والظاهر ان مكرهم به صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم لا تمكروا ولا تعينوا ماكرا فان الله يقول ولا يحيق المكر السيء الا باهله ولا تبغوا ولا تعينوا باغيا يقول الله تعالى انما بغيكم على انفسكم.
وفي رواية عن ابن عباس ان كعبا قال له قرأت في التوراة من حفر مهواة وقع فيها فقال ان وجدت ذلك في كتاب الله فقرأ الآية وفي امثال العرب من حفر لاخيه جبا وقع فيه منكبا.
{ فهل ينظرون } ينتظرون ومنه إلى ربها ناظرة أي منتظرة نهية املها إلى ربها.
{ إلا سنة الأولين } سنته في تعذيب المكذبين الاولين او في تعذيب المكذبين من الاولين جعل الله سبحانه استقبال العذاب اليهم وثبوتهم له لا محالة اذ لا قدر لهم عن الامتناع عنه كانتظارهم له وهذا كما يشبه المال بالغرض.
{ فلن تجد لسنة الله تبديلا } أي لا تبدل سنته التي هي العذاب بضدها الذي هو الانعام.
{ ولن تجد لسنة الله تحويلا } لا تحول سنته التي عذاب المكذبين بالابطال لها وبتعذيب غير المكذبين او بجعل غير التعذيب تعذيبا بل لا بد من تعذيبهم عذابا مؤلما.