التفاسير

< >
عرض

وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ
٦٩
-يس

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وما علمناه الشعر } هو غير عالم بالشعر أو ما علمناه الشعر بتعليم القرآن إنما علمناه القرآن وليس القرآن بشعر لأنه غير مقفى وغير موزون وغير ات على طريق كلام الشعراء فأين نظم كلامهم من نظمه وأين معاني كلامهم من معانيه والآية رد لقول الكفار إنه شاعر.
{ وما ينبغي له } لا يصح له ولا يليق به ولا يستطيعه كما قال الخليل ابن احمد كان الشعر احب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثير من الكلام ولكن لا يتأتى له وكان يتمثل بقوله:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزودي

لكن يقول ويأتيك بالأخبار من لم تزوده بالأخبار ويقول له ابوبكر - رضي الله عنه - ليس هكذا وإنما هو يأتيك بالأخبار من لم تزود أشهد أنك رسول الله فقال لست بشاعر ولا ينبغي لي، وفي رواية وكان يقول ويأتيك من لم تزود بالأخبار بدون هاء، وفي رواية كان ابوبكر يقول له اشهد أنك رسول الله ما علمك الشعر وما ينبغي لك وكان يتمثل بقوله:

كفى الشيب والاسلام للمرء ناهيا

ولكن يقول كفى بالاسلام والشيب للمرء ناهيا ويقول ابوبكر انما قال كفى الشيب والاسلام للمرء ناهيا اشهد انك رسول الله وقول ابي بكر أشهد انك رسول الله يناسب أنه صلى الله عليه وسلم يتمثل لذلك بعد نزول الآية وهو كذلك سواء تمثل به قبل أم لا وكلما تمثل بشعر وانكسر له وقال له ابو بكر اثما هو كذا قال هذا وذاك سواء وروي انه تمثل بقوله:

اتجعل نهبي ونهب العبيدبين عيينة والاقرع

وقال بين الاقرع وعيينة فقال ابو بكر انما قال بين عيينة والاقرع فقال صلى الله عليه وسلم ها وذاك سواء وادار الشعر مرارا بلسانه فلم يمكنه فانزل الله سبحانه وما علمناه الشعر او ينبغي له وقد عاشرهم نحو اربعين سنة وطبعة لا يستطيع الشعر وياباه واما قوله:

أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

فانه ولو كان بيتا مجزوا من الرجز او بيتين منهوكين منه فليس بشعر لأنه قاله على طريق النثر ولم يقصد وزنه وإنما كان على طريق الشعر بلا قصد وهذا كما قال بعض:
يا صاحب المسح تبيع المسح بلا قصد وزن وقاله نثرا ففطن له ابو العتاهية فقال متمما له بنصف بيت * فإن عندي ان اردت ربحا، كما خلق الله في القرآن كلاما موزونا على علم منه وهو العليم بكل شيء لكن لم ينزله شعرا ولا يقرأ كما يقرأ الشعر وكذا من تكلم بكلام من نفسه موزون مقفى على علم منه لكن لم يرده شعرا ومثل قوله صلى الله عليه وسلم:
"انا النبي لا كذب؛ انا ابن عبد المطلب" ، قوله صلى الله عليه وسلم: "هل انت الا اصبع دميت؛ وفي سبيل الله ما لقيت" على وزن بيت من الرجز غير مشطور ولا منهوك او بيتين شطورين لكن لا على قصد.
وقد روي انه نون كذب وجر المطلب وسكن لقيت ويخرج ذلك على هذا من وزن الشعر الا هل أنت الا اصبح دميت فيخرج من عدم القصد ان قلنا انه بيت مشطور وقد قال بانكسار:

اللهم لا عيش الا عيش الآخرة فاكرم الأنصار والمهاجرة

وقد مر كلام في ذلك وقد قال الخليل أن المشطور ليس بشعر وقال بعضهم إنه إنما منعه الله من إنشاء الشعر من نفسه لا من ذكره شعر غيره ومع ذلك لا يتاتى له ذكر شعر غيره بل ينكسر والممنوع ايضا انشاء او انشاد بيت تام مستقيم وقيل الهاء في له للقرآن.
{ إن هو } أي ما الذي أتى به صلى الله عليه وسلم.
{ إلا ذكر } ارشاد ووعظ.
{ وقرآن مبين } موضع للأحكام وغيرها أو واضح إنه سماوي لا من كلام البشر لأنه معجز فبتلاوته والعمل به ينال الفوز العظيم وقيل الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم على حذف مضاف أي ما أمره وما كلامه إلا ذكر وقرآن مبين وليس منه شيء شعرا او سحرا او كهانة.