التفاسير

< >
عرض

وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ
١١٢
-الصافات

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وبشرناه بإسحٰق نبيا } حال مقارنة فان اسحاق في حال التبشير نبي في علم الله وقضائه قبل وجوده فانه نبي ولو قبل ولادته أو قبل الإيحاء إليه غايته إنه نبي لم يوح إليه وإن قلت هو نبي أيضا قيل التبشير به فهلا كان حالا محكية قلت لا تكون محكية لان كونه نبينا متصل لم يقطع في حال التبشير ووجود اسحاق المبشر به لا يشترط وقت التبشير وانما يشترط للحال المقارنة مقارنة تعلق الفعل لصاحبها لا وجود ذي الحال تقول في المقارنة المستقبلة يحشر الميت عاريا ولو كان الميت متفتتا لا يوجد منه جزء ولا لتوهم كما يتوهمون أن الحال في هذا المثال مقدرة بل مقارنة فإن المقارنة هي التي زمانها وزمان عاملها واحد تقدم أو حضر او استقبل هذا ما ظهر لي وهو الحق والله أعلم فتمسك به واستغن عن قول جار الله ان نبيا حال مقدرة مثل ادخلوها خالدين وان بين الآيتين فرقا بوجود المدخل مع وجود الدخول وعدم وجود الخلود معهما في الآية الثانية وعدم وجود المبشر به وقت التبشير وعدم وجوده النبوة بوجود ولادته في الأولى وانه يحصل عدم الفرق بين الآيتين بتقدير مضاف أي وبشرناه بوجود اسحاق بأن يوجد مقدرة نبوته وان العامل في الحال الوجود لا التبشير وان سلم مع ما فيه من التكلف فإنما هو مبني على أنه يجوز في الحال المقدرة بفتح الدال أن يكون المقدر بكسرها غير صاحب الحال فإن اسحاق حال ولادته غيرنا وأنه نبي اللهم لا مانع ان يعلمه الله في حالها انه سيوحي إليه.
{ من الصالحين } حال ثانية مقارنة كالاولى أو مقدرة فإنه ليس في جعلها مقدرة ما في جعل الأولى مقدرة من التكلف فإنه يولد على الفطرة وهي صلاح ويكون التقدير قبل حال الولادة وإن اردت الصلاح الناشيء عن المكلف فالتقدير حال الولادة والمقدر بكسر الدال غيره أو هو على ان يخلق الله علما في الحال فيقدر بإذن الله ولعل من قال الذبح اسحاق جعل البشارة بنبوته لا بمولده ونبوته معا لأن الامتحان بذبحه لا يصح مع علم ابراهيم بأنه سيكون نبيا فيكون مبشرا بولادته اولا وبنبوته بعد فدائه قاله ابن عباس وذلك قول قتادة وإنما ذكر الصلاح مع أن ذكر النبوة يغني إذ لا نبي الا صالح رشيد تعظيما لشأنه وإيماء بأن الصلاح هو الغاية للنبوة لتضمنها معنى الكمال والتكميل بالفعل على الاطلاق.