التفاسير

< >
عرض

كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ
٢٩

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ } وقرئ بنصب (مبارك) فالرفع على أنه خبر كتاب و (أنزلناه) صفة أو على أنه نعت آخر والمبتدأ محذوف خبره (كتاب) أو على أنه خبر ثان والأول (أنزلناه)، و (كتاب) مبتدأ أو على أنه خبر ثان والأول (كتاب) والمبتدأ محذوف و (أنزلناه) ثان والنصب على الحال من الهاء { لِّيَدَّبَّرُواْ آيَاتِهِ } أصله ليتدبروا بدلت التاء دالاً وأدغمت في الدال وقرئ على الأصل وقرئ بتاء الخطاب والتدبر التفكر الموصل الى معرفة حقيقة الآيات والمراد بها فان من يقرأ ولا يتدبر كمن له ناقة كثيرة اللبن ومهرة كثيرة الولادة ولا يستولدها.
وعن الحسن: قد قرأ هذا القرآن، عبيد وصبيان وغيرهم لا علم لهم بتأويله حفظوا حروفه وضيعوا حدوده حتى أن أحدهم ليقول والله لقد قرأت القرآن وما أسقط منه حرفاً وقد والله أسقطه كله ما يرى عليه أثر في خلق ولا عمل والله ما هو يحفظ حروفه واضاع حدوده والله ما هؤلاء بالحكمة ولا الورعة لا أكثر الله من هؤلاء في الناس وقد كثروا وغرضهم الرياء والسمعة. وقوم قرأوه ليصطادوا به المال من البلاد وقوم قرأوه وأسهرهم وهم قليل اللهم أكثرهم، وفي (الاحياء) القرآن من أوله لآخره تحذير وتخويف لا يفكر فيه متفكر الا ويطول حزنه ويعظم خوفه ان كان مؤمناً بما فيه وترى الناس يهذونه هذا يخرجون الحروف من مخارجها ويتناظرون على حفظها أو رفعها ونصبها لا يهم الالتفات الى معانيه والعمل بما فيه وهل غرور يزيد على هذا وقيل المراد بالتقدير العمل وعندي التفكر في المعنى والعمل* { وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ } أي وليتعظ به أصحاب العقول السليمة أو ليستحضروا وأما هو كالمركوز في عقولهم (لشدة) تمكنهم من معرفة به بما نصب من الدلايل فان كتب الله بيان لما لا يعرف الا من الشرع وارشاد الى ما لا يكفي فيه العقل ويصح أن يكون التدبر لذوي العقول السليمة والتذكر لذوي العقول المركوز فيها. فيها عظيم المعرفة أو التدبر لما لا يعرف الا من الشرع والتذكر لما لا يستنقل به العقل