التفاسير

< >
عرض

وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَٱضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ
٤٤

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَخُذْ } عطف على (اركض)* { بِيَدِكَ } اليمنى* { ضِغْثاً } أي حزمة صغيرة من الحشيش ونحوه من العيدان؛ وعن بعض ملئ الكف من حشيش أو عيدان؛ وعن بعض عن الضحاك وغيره قبضة صغيرة من القضبان ونحوه من الشجر الرطب* { فَاضْرِبْ بِهِ } زوجك* { وَلاَ تَحْنَثْ } لترك ضربها؛ نهاه عن ترك ضربها فأخذ مائة عود من الأذخر أو غيره وضربها ضربة واحدة وذلك ترخيص من الله لأيوب لرضاه عنها ولها لحسن خدمتها حتى قيل انها باعت ذؤابتيها برغيفين ليأكل وبهما يتعلق اذا قام فحلف لذلك؛ وقيل: قال لها الشيطان: اسجدي لي سجدة وأرد عليكم مالكم وأولادكم فهمّت وأدركتها العصمة فذكرت ذلك له فحلف وقيل: قال لها ان شرب الخمر يبرأ فعرضت له ذلك؛ وقيل: سألته أن يقرب للشيطان بعناق واختلفوا في بقاء رخصة الضغث فقيل: (خاصة بأيوب).
وعليه مجاهد ونسب للجمهور، وقيل: رخصة عامة باقية فمن حلف أن يضرب زوجته أو عبده أو غيرهما مائة سوط وضربها بالضغث لم يحنث وعليه ابن عباس وعطاء بن أبى رباح، وعلى البقاء والعموم قال أبو حنيفة والشافعى، لا يبرأ الا أن بسط الضغث واصابة كل عود على العرض أو على الطرف أو جمعها وضرب بأطرافها قائمة وقيل: يبرأ ولو لم يصبه كل عود بل البعض لظاهر عموم الآية. وعلى كل حال يشترط صورة الضرب ويترجح عندي قول البقاء والعموم في الايمان وأما الحدود فزعم القاضي أن الرخصة فيها أيضاً فمن وجب عليه مائة سوط مثلاً للزنا أو مثل ذلك ضرب بضغث فيه العدد، وعليه الزمخشري وغيره دليلهم "أنه أتى بخدج قد خبث بأمة فقال خذوا عثكالاً فيه مائة شمراخ فاضربوه ضربة" ومذهب الجمهور وهو الحق أنه لا يكون لي ذلك اليوم* { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً } أي علمناه صابراً فيما أصابه في النفس والاهل والمال أما شكوته الى الله سبحانه من الشيطان هو أن لله شكوته بأنه لا يمسي جزعاً فان تمنى العافية وطلب الشفا والمعالجة ومشاورة الأطباء مع التوكل على الله لا يخرج عن الصبر مع أنه طلب الشفا خوفاً من قومه أن يوسوسهم الشيطان في بلائه فيرتدوا وقد قيل انه لم يبق منه الا القلب واللسان وانه اذا وقعت دودة من جسده ردها فيه وقال كلي من رزقك وقال في مناجاته: (الهي قد علمت اني لم يخالف لساني قلبي ولم يتبع قلبي بصري ولم يلهني ما ملكت يميني ولم آكل الا ومعي يتيم ولم أبت شبعان كاسياً ومعى جائع أو عريان فكشف الله عنه { نِّعْمَ الْعَبْدُ } أيوب* { إِنَّهُ أَوَّابٌ } رجاع الى الله