التفاسير

< >
عرض

فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ
٧٣
إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ
٧٤
قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ
٧٥

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَسَجَدَ الْمَلآَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } هذا يوهم أن ابليس سجد معهم لانه متعبد فيما بينهم فما زال هذا الايهام بقوله { إِلآَّ إِبْلِيسَ } وهو أبو الجن أي لكن ابليس { اسْتَكْبَرَ } أي تعظم أي ادعى العظمة وحاولها { وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } جملة حالية أي هو في حال الاستكبار كافر وفي علم الله السابق وظهر كفره في حال الاستكبار (وأجمع) للاحاطة لا كما قال الزمخشري: ان اجمع تفيد وقوع السجود في وقت واحد)، قاله ابن هشام وهو كما قال وانما يفيد الاجماع في وقت واحد لفظ مع نحو (جاءوا معا) { قَالَ } الله { يَآ إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ } أي من أو عن أن تسجد { لِمَا خَلَقْتُ } أي للجسم الذي خلقت { بِيَدَىَّ } أي توليت خلقه بلا واسطة أم أو أب أو غيره ولو خلقه وحده لكان بواسطة وذلك تشريف له والياء مشددة ياء التثنية وياء الاضافة وقرئ بالتخفيف على الافراد و (يد الله) قدرته وقوته ولكن لما كان أكثر الاعمال تباشر باليدين أو باليد عبر باليدين أو باليد كما يقال في عمل القلب وفي عمل من لا يد له (هذا ما عملته يداك) وذلك الاستفهام انكار لصحة المانع وتوبيخ وبخه على ترك السجود لآدم مع أمر الله له بالسجود ومع أنه خلقه بيده فهو أعلم بحاله ومع سجود الملائكة له { أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ }؟ باثبات الهمزة مفتوحة همزة قطع للاستفهام والتوبيخ والتقرير وباسقاطها مقدرة واثبات همزة الوصل خطاً لا نطقاً الا ان بدئ بها ثبتت مكسورة نطقاً أيضاً أو بعدم الاستفهام أصلاً فيكون (أم) كانت بمعنى (بل) كانت واثبات الهمزة مفتوحة واعدامها قراءتان والمعنى تكبرت بنفسك من غير استحقاق أم كنت من القوم الذين يتكبرون لثبوت علوهم أو المعنى أخذت الكبر لك الآن والعظم أم كنت قديماً ممن لا يليق أن يكلف مثل هذا لعلو مكانك وهذا تمثيل فانه ليس في ذلك الوقت من هو عال عن السجود له وتحقيق بالنظر أن الخلق الموحود في قدرة الله العالي وهو نبينا لكن يبقي التجوز في الجمع ومانعه من السجود أنه مخلوق فكيف يسجد لمخلوق وأنه مخلوق من الطين وابليس من النار، قاله الزمخشري. والحق أن مانعه مجرد خلقه من الطين وخلق ابليس من النار كما قال الله عز وجل