التفاسير

< >
عرض

قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ
١٠
قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ
١١
-الزمر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قُلْ } يا محمد للمؤمنين حكاية عن الله.
{ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُواْ رَبَّكُمْ } احذروا عذابه بترك المعاصي ولزوم الطاعات*
{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } أي آمنوا وعملوا الصالحات.
{ فِى هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً } أي جنة فى الآخرة.
قاله مقاتل وهو أولى وقال السدي: الحسنة الصحة والعافية والظهور في الدنيا وولاية الله ويصح المجموع والآية نزلت في جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وأصحابه حين عزموا على الهجرة الى أرض الحبشة وقيل حين نزل بهم البلاء فأمر الله بالثبات على الدين وحضهم على الهجرة لامساك الدين والتمكن منه بقوله.
{ وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ } فارتحلوا من مكة لما فيها من الشرك وعدم التمكن من الدين وفيه حث على الهجرة من البلد الذي تظهر فيه المعاصي ولا يقدر على ابطالها وانكارها ولكن لا تجب بعد فتح مكة؛ وقيل: المراد من أمر بالمعاصي في بلد فليهرب منه على ما مر؛ وقيل: المراد من هاجر الى أرض الحبشة مطلقاً وقيل من آمن وهو فى بلد من بلاد المشركين أي لا عذر في ترك الاحسان الا من اعتل بوطنه وأهله وعدم التمكن وعدم جمع الهمم بل يجب عليه أن يهاجر الى أرض يجد فيها الاحسان والتمكن وجمع الهمة وأن أرض الله واسعة وأن يصبر على البلاء من خروج الوطن والأهل لانه { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ } وأن يقتدوا بالأنبياء والصالحين في المهاجرة والصبر ليزدادوا احساناً الى احسانهم ومعنى (بغير حساب) قيل انهم لا يحاسبون على أجرهم وهو ضعيف وقيل لا يحاسب على نعيم الدنيا ولا يؤخذ بذنب فهو يدخل الجنة بغير حساب وقيل بغير عدد مكيال وميزان وهذا تمثيل للتكثير.
قال قتادة: ليس ثم والله مكيال ولا ميزان.
قال الحسن: لا يهتدي اليه حساب ولا يعرف. قال: كل مطيع يكال له كيلاً ويوزن له وزناً الا الصابرين لانه يحثى لهم حثياً.
وقال صلى الله عليه وسلم:
"ينصب الله الموازين يوم القيامة فيؤتى بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الحج فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى لأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ديوان وينصب عليهم الأجر صباً" وقرأ الآية.
فقال حتى تمنى أهل العافية في الدنيا أن أجسامهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل ومعنى الميزان الترجيح والتنقيص.
وروي أنه لما نزل
{ { والله يضاعف لمن يشاء } قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم زد أمتي" .
ولما نزل { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ }.. الخ قال: رضيت يا رب.
وقيل: المراد بالأرض الواسعة أرض الجنة ترغيباً في التقوى و (في هذه الدنيا) متعلق (بأحسنوا) أي من أحسن فى الدنيا فله الحسنة فى الآخرة وقيل بمحذوف وجوباً أناب عنه (للذين) على الخيرية فانه متعلق بما يتعلق به (للذين) وهو والخبر أي (من أحسن) من ثبتت له الحسنة فى الدنيا من الصحة والعافية والظهور وولاية الله كما مر { قُلْ إِنِّى } سكن ياءه غير نافع*
{ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ } من الشرك والاخلاص جعل الحركات والسكنات سراً وجهراً لله وحده بلا ممازجة هواء أو نفس أو غيرهما