التفاسير

< >
عرض

وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ
٣٨
-الزمر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلَئِن } اللام مؤذنة بالقسم ولسبقها على الشرط كان الجواب لها* { سَأَلْتَهُم } أي هؤلاء المشركين* { مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ } وما فيها وما بينهما* { لَيَقُولُنَّ اللهُ } أي خلقهن الله وأوجب ابن هشام الاول لقوله { { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم } وانما يقرون بأن الخالق لهن الله الوضوح والبرهان على تفرده بالخالقية؛ وجمهور الخلق مقرون بوجود الله القادر الحكيم فان فطرة العقل شاهدة بصحة ذلك فان من تأمل عجائب السموات والأرض وما فيهما من أنواع الموجودات علم أن ذلك من ابتداع قادر حكيم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يحتج عليهم بأن ما يعبدون جلب نفع ولا دفع ضر بقوله: ـ
{ قُلْ أَفَرَءَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ } من الأصنام { إِنْ أَرَادَنِيَ } بفتح الياء وسكنها حمزة* { اللهُ بِضُرٍّ } وجملة* { هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ } مفعول ثان لرأى عن العمل فيها بالاستفهام ولولاه لجاء مفرداً أو جملة نائبة عنه بلا تعليق أو الجملة نابت ما ناب مفعول (رأى) الثالث معلقاً مضمناً معنى (أخبروني) والأول محذوف هو الياء وبسطت ذلك فى حاشية شرح الشذور* { أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَةٍ } أي نعمة وخير*
{ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ } باضافة كاشفات لضر وممسكات لرحمة بتخفيف وقرأ أبو عمرو بتنوينهما ونصب (الضر والرحمة) على المفعولية على الأصل ذكر القراءتين ابن هشام وغيره والهمزة أصلها بعد الفاء أو داخلة على المحذوف أي اتحققتم ان خالق العالم هو الله سبحانه وتعالى فرأيتم بعد ذلك ان آلهتكم تكشف ضراً أي تزيله أرادني الله به وترد رحمة أرادني الله بها وانما ذكر فى قوله { ويخوفنك بالذين } بأنه مقام تعظيمهم للاصنام وأنت هنا واعتبر تأنيثها وهن اللات والعزى ومناة لانه يقوم مقام تضعيف ورد وتعجيز لانهن اناث أضعف ما تدعون لهن وتهكم عليهم باثبات الانوثية لها كأنها نساء عاقلات واحترس بأنهن لا يملكن نفعاً ولا ضراً ولما قال صلى الله عليه وسلم لهم { أفرأيتم ما تدعون }.. الخ، أفحمهم فسكتوا فنزل.
{ قُلْ حَسْبِىَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } وفيه تهكم كأنه أثبت الضر لأصنامهم فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعتصم بالله ويلتجئ اليه من أن تضره وتهكم آخر بأن هذه الكلمة وهي (حسبي الله) الخ كافية فى دفع ضرها ومعنى (حسبي الله) هو ثقتى وعليه اعتمادي وكفايتي وقدم { عليه يتوكل } للحض والتوكل والثقة أي لا يثق من كان أهلاً للثقة لعلمهم بأن النفع والضر من الله الا على الله.