التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً
١٠٣
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ }: أى اذا أردتم قضاءها، أى أداءها وقد اشتد الخوف عليكم.
{ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَاماً وَقُعُداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ }: أى فصلوها كما أمكنكم قائمين أو قاعدين، أو مضطجعين على جنوبكم استتارا وتحرزا عن العدو، وتقدم اعراب غير ذلك.
{ فَإِذَا اطْمَأنَنتُمْ }: سكنت قلوبكم لزوال الخوف.
{ فَأقِيمُوا الصَّلاةَ }: فصلوا ما يحضر لكم من الصلوات الخمس تامة أربعا فى الحضر، واثنتين فى السفر، بالتعديل فيها، وبتفريغ القلب كله اليها، ولا اعادة لما مضى من صلاة الخوف فى الوقت، ولا قضاء بعده، وقيل: معنى اذا { اطْمَأنَنتُمْ } اذا زال عنكم قلق السفر بوصول الحضر، فيكون معنى { فَأقِيمُوا الصَّلاة } فصلوا أربعا وقيل معنى { إِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ } فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم اذا أردتم قضاء الصلاة بمعنى ايقاع الصلاة فى سائر أوقاتها، فصلوا قائمين ان استطعتم، وقاعدين ان لم تستطيعوا، ومضطجعين على جنبكم مستقبلين بوجوهكم ان لم تستطيعوا القعود، وان لم تستطيعوا فمستلقين.
والوجهان الآخران فى قوله: { وَعَلَى جُنُوبِكُمْ } وذلك أنهم اذا صلوا مستلقين فليكونوا بحيث لو قعدوا لاستقبلوا، والضابط أنه لم يستطيع كيفية مقدمة، صلى بكيفية تليها حتى التكييف أو التكبير، وذلك لمرض أو عدو أو نحو ذلك من الموانع، وقيل معنى { فَإِذَا اطْمَأنَنتُمْ فَأقِيمُوا الصَّلاةَ } اذا صليتم صلاة الخوف أو القتال باختصار وتصرف، ثم زال ذلك عنكم، فأقيموا تلك الصلاة نفسها، بأن تعيدوها، ولو خرج الوقت، وقيل فى الوقت وفروع المسألة فى الفقه، وقيل المعنى: اذا قضيتم الصلاة بمعنى الفراغ منها أى صلاة كانت سفرا أو حضرا صلاة خوف أو أمن، فاذكروا الله بألسنتكم فى غير الصلاة كنتم، على أى حال كنتم، من قيام أو قعود أو امتداد، وهذا قول الحسن.
قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على أحيانه، وقيل المعنى اذا قضيتم صلاة الخوف، أى فرغتم منها، فاذكروا الله بألسنتكم أيضا فى غير الصلاة على أى حال، ونسب للجمهور، وعلى هذين القولين فقوله: { عَلَى جُنُوبِكُمْ } يشمل الذكر باتكاء على جنب، وبامتداد فى اضطجاع ونحو ذلك.
{ إِنَّ الصَّلاةَ كَانتَ عَلَى المُؤمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً }: أى فرضا محدود الوقت يقال: كتب أى فرض كتابا أى فرضا، ووقت الشىء أى حده وهو موقوت أى محدود، فهى فرض محدود الوقت لا تؤخر عنه بخوف أو مسايفة، بل تصلى كما أمكن عندنا وعند الشافعى، لا كما قال أبو حنيفة لا يصلى المسايف حتى يطمئن، ولكن قال الشافعى: يعيد ولو بعد الوقت، وقلنا: لا يعيد ولو فيه الا قليلا منا، قال يعيد فيه.