التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً
١٠٧
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أنفُسَهُمْ }: يخونونها بالمعاصى خيانة كثيرة أو عظيمة، فان الاختيان افتعال من الخيانة للتأكيد، والمراد طعمة وأمثاله أو طعمة وقومه المجادلون عنه، أو كل مختان، ومن خان غيره فقد خان نفسه، لأن عقاب خيانته لغيره لازم له، فيدخل من خان ومن خان نفسه، وارادة قوم طعمة ومعه على أنهم خانوا فى تبرئتهم اياه، وقد عرفوه سارقا، أو على أنهم تعمدوا رمى اليهودى ليبرأ طعمة، ويجوز أن يكون سمى من خان غيره خائنا لنفسه تشبيها للمعصية بخيانة النفس بجامع فعل المحرم، وتمهيد العقاب، وأما أن يقال ذلك من مجاز الأول فلا يصح، ولو قيل به لأنه ليس الاختيان آيلا، بل واقع الآن، وانما الآيل العقاب، والخيانة غير العقاب، بل سببه.
{ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً }: مبالغا فى الخيانة والاثم، كما كان طعمة وغير المبالغ كذلك بدليل تحريم المعاصى كلها، فانه تعالى خلق المعصية وأبغضها، وأبغض من يفعل الكبائر منها، ويحتمل أن يراد بالمبالغة هنا الاصرار فيعم أى لا يحب المصر على الخيانة والاثم، وما كان اثما كان خيانة، وما كان خيانة كان اثما، وذلك كله فى طعمة المبالغة بالاصرار، وكثرة صدور الذنوب والخيانة منه، ولذلك فضحه الله.
قيل: اذا عثرت من رجل على سيئة فاعلم أن لها أخوات، ويروى عن عمر أنه أمر بقطع يد سارق فجاءت أمه تبكى وتقول: هذه أول سرقة سرقها فاعف عنه يا أمير المؤمنين، فقال: كذبت انه لا يؤاخذ عبده فى أول مرة.