التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً
١١٢
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً }: صغيرة.
{ أَوْ إِثْماً }: كبيرة أو لخطيئة ما لم يتعمد، والذنب ما تعمده، أو الخطيئة الذنب بينك وبين ربك، والذنب ذنبك بينك وبين مخلوق، وقيل: ان هذه الآيات فى طعمة، ويلحق به غيره، فالخطيئة سرقة الدرع، والاثم يمينه الكاذبة، وقيل: الخطيئة والاثم سواء، ولكن باعتبار أن الذنب خلاف الحق سمى خطيئة وباعتبار أنه يعاقب عليه سمى اثما، وفيه أنه خلاف الظاهر، ويحتاج الى كون أو بمعنى الواو.
{ ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً }: منه كما رمى طعمة اليهودى بالسرقة، وهو السارق دون اليهودى، وأفرد الضمير فى به، لأن العطف بأو، فكأنه قيل بأحدهما أى بأحد المذكورين الخطيئة والمأثم، وأما على أن الخطيئة والاثم واحد فظاهر، ولكن الأولى تغايرهما فقد يجوز عود الضمير الى الكسب المعلوم من قوله يكسب فيعم الخطيئة والاثم معا.
{ فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً }: حمل ذنبا عظيما كالجسم الثقيل الذى يتكلف حمله فان من معانى افتعل كاحتمل التكلف، وذلك الذنب يسمى بهتانا وهو رميه غيره بما ليس فيه، مما يعظم عليه حتى انه ليبقى المرمى به باهتا متحيرا، قال صلى الله عليه وسلم:
" الغيبة ذكر أخاك بما يكره فقيل: أرأيت ان كان فى أخى ما أقول؟ قال: ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته وان لم يكن فيه فقد بهته " .
{ وَإِثْماً مُّبِيناً }: أى ذنبا ظاهرا فى قبحه، اذ برأ نفسه الخطيئة، ونسب خطيئته للبراءة منها، فكل من البهتان والاثم المبين واحد، فرميه ذنب مبين يبهت به المرمى، ويجوز أن يراد بالاثم المبين الذنب الذى فعل، ثم رمى به غيره لا نفس الرمى، وقد عظم أمر البهتان حتى انه قيل: الرمى بالصغيرة كبيرة، وهو كذلك لأنه كذب، والكذب كبيرة، لأنه ظلم.