التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً
١٢٤
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَمَن يَعْمَل مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ }: وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالبناء للمفعول من الادخال هنا، وفى غافر ومريم.
{ الجَّنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً }: ومن للتبعيض لأنا كلفنا ببعض الصالحات وهو ما فرض منها لا بكلها، ولا يتمكن أحد أن يأتى بأنواع النفل كلها كل ما أمكنه، أى ومن يعمل شيئا ثابتا من الصالحات، أى شيئا هو بعض الصالحات، فشيئا مفعول يعمل.
وأما من فى قوله: { مِن ذَكَر } فللبيان متعلقة بمحذوف وجوباً حال من المستكن فى يعمل، وجملة: هو مؤمن حال ثانية أو حال من المستكن فى { مِن ذَكَر } وهو قيل احتراز ممن يعمل ما فرض فعله، وفعل شيئا من الكبائر شركا وما دونه أو الصغائر وأصر عليه فالمؤمن الذى عبد الله سبعين سنة، تاركا للمحرمات، ثم شرب قطرة خمر خارج عن كونه مؤمنا لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، وذلك اذا أصر، وقد صح أنه هلك المصرون، بل هو موحد مخلد فى النار، وما أسكر كثيره فقليله حرام، ويضعف كون من ذكر حالا من الصالحات، لأنه يوهم أن العامل من الصالحات غير الذكر والأنثى، وأنه عمل انسانا من الصالحات حال كونها مبتدئة وصادرة من ذكر أو أنثى غيره، وهذا لا يعقل، ونقيرا مفعول مطلق كناية عن ظلم ما ومر تفسيره.
وعن ابن عباس: ما تنقره بأصبعك أى لا ينقص من ثوابه شىء ما، بل يزاد له فبالاحرى أن لا يزاد فى عقاب العاصى، لأنه أرحم الراحمين، ولأن نقصه من جنس زيادة عقاب العاصى، قال مسروق: لما نزل:
{ من يعمل سوءا يجز به } قال أهل الكتاب: فنحن وأنتم سواء، فنزل: { وَمَن يَعْمَل مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ } الآية يعنى أن المؤمن يكفر عنه ذنوبه فى الدنيا بمصائبها، بخلاف أهل الكتاب فانها لا تكفر عنه لشركهم.