التفاسير

< >
عرض

مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً
١٣٤
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَمَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدًّنْيَا }: بعمله كالمرأتين وكمشركى العرب، اذ كانوا يقرون بالله، وأنه الخالق الرازق، وينكرون البعث، ويعملون أنواعا من البر كالصدقة والغرض، واغاثة الملهوف، ولا يرجون بها ثواب الآخرة، لأنهم أنكروا البعث، بل يطلبون من الله عوضها فى الدنيا من نفع ودفع ضر، وكمن يقصد بجهاده الغنيمة من الذين آمنوا، وكمن هاجر لمرأة أو دنيا يصيبها، وكالمنافقين الذين أضمروا الشرك، وكانوا يجاهدون للغنيمة ويفعلون أفعال الطاعة ليجزى لهم فى الدنيا ما يجزى للمؤمنين.
{ فَعِندَ اللهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ }: تعليل قائم مقام جواب الشرط، أى فقد أخطأ فى ارادته ثواب الدنيا فقط، لأن عند الله ثوابها وثواب الآخرة، فلو عقلوا دين الله لعملوا لوجه الله مخلصين، فيترتب لهم ثواب الدنيا تبعا لثواب الآخرة فضلا من الله بلا قصد منهم، لأن يكون عملهم لثواب الدنيا أو لسألوا الله الدنيا وعملوا للآخرة، ولكن الله يثيب العبد على عمله بالدنيا والآخرة معا اذا شاء.
ويجوز أن يراد بثواب الدنيا والآخرة خير الدنيا والآخرة، فسمى المطلق وهو الخير باسم الخاص وهو الثواب، لأنه ما على عمل فكأنه قيل: فقد أخطأوا فى ارادة ثواب الدنيا فقط، لأن عند الله خير الدنيا والآخرة، فالصواب أن يطلبوهما معا من الله، لكن لا يطلبون الدنيا بعمل الآخرة ذم الله المقتصر على طلب الدنيا ولوح لمدح من يطلبها والآخرة كقوله تعالى:
{ فمن الناس من يقول ربنا آتنا فى الدينا وماله فى الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا آتنا فى الدنيا حسنه وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } وفى هذه التصريح بقوله: { أولئك لهم نصيب مما كسبوا } ويجوز أن يكون المعنى من كان يريد ثواب الدنيا أعطاه منها، لأن عنده ثوابها وثواب الآخرة، فيكون كقوله: { ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها } وقوله: { عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد } }. { وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً }: عليما بما يقولونه فى طلب الدنيا بعمل الآخرة.
{ بَصِيراً }: فيجازيهم بنياتهم، قال ابن عباس: انما يحفظ الرجل على قدر نيته، وقيل أيضا انما يعطى الناس على قدر نياتهم.