التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا حَضَرَ ٱلْقِسْمَةَ أُوْلُواْ ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينُ فَٱرْزُقُوهُمْ مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً
٨
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ }: قسمة ما ترك الوالدان والأقربون.
{ أُوْلُواْ الْقُرْبَى }: ممن لا يرث قدمهم لعظم حق القرابة، والمراد قرابة الميت.
{ وَالْيَتَامَى }: قدمهم على المساكين لشدة حاجتهم لضعفهم عن القيام بأنفسهم.
{ وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ }: أى اعطوهم.
{ مِّنْهُ }: أى مما ترك الوالدان والأقربون، وهو المال المقسوم، ولك إعادة الهاء إلى المقسوم المفهوم من القسمة، وهو ما ترك الوالدان والأقربون، وذلك تطيب لقلوبهم ونفع لهم بالصدقة، والأمر بذلك ندب للبلغ من الورثة، وللصغار بواسطة وكلائهم، وذلك أن الخطاب بقوله: { فارزقوهم } للورثة والصغير يتوسط عنه فى الخطاب وليه، أو قائمه، هذا ما ظهر لى فى كون الإعطاء من مال الصغير لعموم الآية، وكون ما يعطى عن الصبى من ماله، يكون له بركة وحفظاً، ثم رأيته لابن سيرين وغيره وقد روى عبيدة السليمانى: أنه قسم أموال الأيتام فأمر بشاة فذبحت من مالهم وأطعمت مطبوخة وقال: لولا هذه الآية لكان هذا الإطعام من مالى يعنى: يفعله من ماله ويعزمه من ماله، وقيل: لا يعطى من سهم الصغير بل يعد ما يعطى من سهام البلغ، ويقول قائم اليتيم أو وليه لأولى القربى واليتامى والمساكين، ليس هذا المال لى إنما هو لليتيم ولو كان لى لأعطيتكم منه وقيل: الأمر للوجوب، بل تهاون الناس به، لكنه انسخ بآية المواريث بعد وهذا قول الجمهور ومجاهد عن ابن عباس. وقول سعيد بن المسيب وعكرمة والضحاك وقتادة: قال ابن عباس فى رواية غير منسوخ وبه قال أبو موسى والحسن وأبو العالية والشعبى وعطاء بن أبى زياج وسعيد بن جبير، ومجاهد عن غير ابن عباس، أو عن نفسه، والنخعى والزهرى وعن الحسن والنخعى لا عطاء عند قسمة الأصول، بل عند الدراهم والحبوب والمتاع والحيوان أو غير ذلك، واعترض القول بالوجوب بأنه لم يعين ما يقدر ما يعطى فى القرآن ولا فى السنة، ولو وجب لغير. وذكروا عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبى بكر: أنه قسم ميراث أبيه. وعائشة رضى الله عنها حية فلم يدع أحداً فى الدار إلا أعطاه، وتلا هذه الآية. وقيل: المراد فى الآية إِعطاء ما يستحى من قسمته كالنعال، ورث الثياب، وقيل: المراد بالقسمة الإِيصاء بمعنى إذا احتضر الموصى فكان يوصى: أعطوا من مالى فلاناً كذا وفلاناً كذا، وقد حضر القرابة الذين لا يرثونه واليتامى والمساكين فليعطهم الموصى، أى يوصى لهم بكذا وكذا والخطاب للمحتضرين، وعن سعيد ابن جبير الخطاب بقوله { ارزقوهم }: للناس الموجودين عند المحتضر، وقد حضره القرابة واليتامى والمساكين أيضاً، فالناس الموجودون عنده يقولون له أو لهؤلاء القرابة والأيتام والمساكين، فمعنى { ارزقوهم } اطلبوا المحتضر أن يعطيهم بالإيصاء لهم.
{ وَقُولُوا لَهُمْ قَولاً مَّعْرُوفاً }: قيل: هو أن يقولوا لو كان المال لنا لأعطيناكم، ولكن لليتامى، والغياب والمجانين، أو لبعضهم، أو فيه منهم لهم وقال الحسن: هو أن يقولوا ارجعوا رحمكم الله إِنها قسمة الدواب والرقيق والنخل، ونحو ذلك. وعن الحسن: هو أن يقولوا بارك الله عليكم. وقال سعيد بن المسيب: هو أن يقولوا هذه قسمة الميراث. وقيل: أن يدعوا لهم ومستقل ما أعطاهم. ويقول فى إعطائه المأمور به: خذوا هذا القليل بارك الله لكم فيه، أو يقول ذلكم الذى أعطيناكم قليل، وما عند الله واسع ولا يمن عليهم.