التفاسير

< >
عرض

أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً
٨٢
-النساء

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ }: أفلا يتأملونه فيدركون عاقبته، فان أصل التدبر التفكر فى دبر الأمر، وأى عاقبته، ولو تدبروا فى معانيه وفصاحته وبلاغته واخباره بالغيوب التى شاهدوا صدقها، وغيب قلوبهم وغيرها وسلامته من التناقض لأداهم ذلك الى الايمان مع أنه كتاب كبير.
{ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيراً }: تفاوتا وتناقضا بأن تتفاوت تراكيبه، بأن يكون بعضه فصيحا وبعضه غير فصيح، وبعض سهل المعارضة، وبعض صعبها يصدق بعض أخباره بالغيب، ولا يصدق بعض، وبأن تتناقض معانيه، بأن يرد بعضها بعضا، وبأن يجتمع فيه باطل وحق، وعدا وجور، حاشاه ذلك كله.
وان عرضت لأحد شبهة، وظن اختلافا فى شىء من كتاب الله، فالواجب أن يتهم نظره، ويسأل من هو أعلم منه، وما ذلك الا لنقصان قوة البشر، وقد خرجت عن ذلك والحمد لله، فما تخيل شىء من المنافاة الا تحقق عدمها، بل بعضه يفسر بعضا لأدلة تبين المفسر من المفسر كتفسير
{ لا تدركه الأبصار } لقوله تعالى: { الى ربها ناظرة } لدليل { ليس كمثله شىء } ، وقوله: { ما يكون من نجوى } الآية وبعضه لحكمة غير حكمة بعض، كعصا موسى كأنها جان فى الحقيقة، وحية فى الخفة، وثعبان فى العظم، وكقوله: { لا يسأل عن ذنبه انس ولا جان } بمعنى أنه لا يسأل سؤال استفهام حقيق، لأن الله لا يخفى عنه شىء.
وقوله تعالى:
{ فوربك لنسألنهم أجمعين } سؤال تهديد وتوبيخ، وعذاب فى موطن من مواطن القيامة، وقوله: { لا يسأل عن ذنوبهم المجرمون } كمعنى الأولى أو لا يسألون بالمعنى أنها كثيرة، وعذابها لا يوصف، أو لا يسألون فى بعض المواطن، ومن البيان النسخ فانه غير تناقض، وغير اختلاف، بل بيان للوقت الذى علمه الله فى الأزل وقتا لانتهاء العمل بالمنسوخ فليس بدءا.