التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ
١٠
-غافر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنادَوْنَ } بفتح الدال عندنا بالبناء للمفعول أي تناديهم الملائكة يوم القيامة وفسر النداء بقوله:
{ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } فالجملة مفسرة أو هو مبني للفاعل فتضم الدال أي (يُنادُون) الله والملائكة وأنفسهم فجملة { لمقت الله أكبر } مفعول أو نائب لمحذوف معطوف أو محذوف حال أي فيقال لهم أو فيقال (الله والملائكة) أو ينادون الله قائلاً والملائكة قائلين وعلى أنهم ينادون أنفسهم ينادون تكون الجملة تفسيراً أو مفعولاً للنداء انهم ينادون بناء على ان ما تضمن معنى القول ينصب الجمل وهو قول الكوفيين والمقت البغض وقيل أشده ومفعوله محذوف دل عليه أنفسكم أي لمقت الله اياكم في الدنيا اذ تدعون الى الايمان فتأبون أكبر من مقتكم أنفسكم الآن اذا وقعتم في النار باتباع هواهن وهن أمارات بالسوء وعن الحسن لما رأوا أعمالهم الخبيثة مقتوا أنفسهم فنودوا لمقت الله.
وقال مجاهد وقتادة وابن زيد: اذا دخلوا النار مقتوا أنفسهم وتناديهم ملائكة العذاب على جهة التوبيخ (لمقت الله اياكم في الدنيا اذ تدعون الى الايمان وتختارون عليه الكفر أكبر من مقتكم أنفسكم الآن) وقيل: معنى (مقت الله اياكم الآن أكبر من مقت بعضكم لبعض الآن) كما قال (يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً) واللام لام ابتداء للتأكيد واختار بعض انها في جواب قسم محذوف زيادة في التأكيد.
{ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } اذ ظرف متعلق بالمقت الأول، قاله الزمخشري وفيه الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي وهو الخبر لانه لو كان معمولاً للمبتدأ متمما له لكان من جهة كونه مبتدأ لا من جهة كونه مصدرا وبأجنبى آخر وهو من مقتكم أنفسكم وفيه الاخبار عن المصدر قبل تمام معموله ويجاب بانه نوسع في ذلك لان المعمول ظرف فجاز الفصل بينه وبين المصدر نص عليه ابن الحاجب فقول بعضهم وأقره شيخ الاسلام ان ذلك فيما اذا كان عامله قوياً وهو هنا ضعيف لكونه مصدراً مردوداً وقيل يتعلق (بمقت محذور فأدل عليه (لمقت) الاول وصوبه ابن هشام ولا يتعلق بمقتكم لانهم لم يمقتوا أنفسهم اذ دعوا بل حين رأوا العذاب اللهم الا أن يعلق به على جهة التهكم والتنديم كأنه قيل أكبر من المقت الذي مقتم أنفسكم في الدنيا اذ تدعون ولم يمقتوا أنفسهم فيها ولكن تهكم عليهم به قال تركتم مقت أنفسكم فى الدنيا على حد (الصيف ضيعت اللبن) ثم ظهر أنه يجوز تعليقه بمقتكم على معنى اذا صح كونكم تدعون أي مقتوا أنفسهم فى الآخرة وهى التي صح فيها عندهم انهم يدعون فى الدنيا الى ما ينجيهم وببعض تعليقه به على أن المراد بأنفسكم أمثالكم من المؤمنين فيكون (إذ) للدنيا أو للتعليل لمحذوف أي يفعل بكم ذلك الذى هو نداء الملائكة أو (الله) لهم بالمقت أو جعلهم منادين ومقت الله ومقتهم أنفسهم لانكم تدعون فتأبون