التفاسير

< >
عرض

ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ
٤٦
-غافر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ النَّارُ } بدل من سوء أو بيان ان أريد بالسوء عذاب الآخرة والا فمبتدأ والخبر* { يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } والجملة مستأنفة والنار خبر لمحذوف أن أريد بسوء العذاب عذاب الآخرة وعلى أنه بدل أو خبر لمحذوف فجملة (يعرضون) مستأنفة أو حال من النار قيل أو من (سوء) وأنث لانه بمعنى النار بالبناء للمفعول من الادخال.
قال الزمخشرى: أو منصوب على الاختصاص ورده ابن هشام بعدم سبق شيء ضمير تكلم أو مخاطب وحده أو مع غيره وفى جعل النار خبراً لمحذوف سؤال كأنه قيل ما سوء العذاب فقال هو النار وفى جعل النار مبتدأ تعظيم النار وتهويل عذابها والاعراض على النار الاحراق بها وادخالها وعرض الأمير الأسير على السيف قتله به* { غُدُوّاً وَعَشِيّاً } صباحاً ومساء من أيام الدنيا يعذبون بالنار فيهما وأما فى غيرهما فاما أن لا يعذبوا لانهم ليسوا بعد قيام الساعة ويجوز عندي أن يكون المراد عموم الزمان كما تقول ضربت زيداً الظهر والبطن تريد أنك عممته بالضرب والأكثرون نصوا على خصوص الوقتين.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه ان أرواحهم فى أجواف طير سود تعرض على النار بكرة وعشياً الى يوم القيامة.
وقال صلى الله عليه وسلم:
"ان أحدكم اذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ان كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وان كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال له هذا مقعدك حتى يبعثك الله اليه يوم القيامة" ويقال لآل فرعون هذا مقعدكم الى يوم القيامة.
وفى ذلك دليل على بقاء النفس وعذاب القبر ويدل له أيضاً حديث
"ان الميت اذا دفن سمع حفيف نعال المنصرفين وان الكافر تدخله الرائحة المنتنة والظلام وانه لو نجا أحد من عذاب القبر لنجا منه سعد وانه ضغط ضغطة اختلف بها أضلاعه وانه استعاذ من عذاب القبر وان الكافر تنهشه تسع وتسعون تنيناً حتى تقوم الساعة" وانه المراد بالعيشة الضنكة وان العذاب الثاني من (سنعذبهم مرتين) والأول عذاب الحدود فى الدنيا ولا بعد ذلك فان النائم يتألم ويتلذذ بجنبك ولا تعلم فغير آل فرعون كانوا يعذبون فى القبور وحيث كانوا قبل يوم القيامة { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ } يقال لهم* { أَدْخِلُواْ } بضم الخاء { ألَ فِرْعَوْنَ } أي يا آل فرعون قال منادي بمحذوف و { أَشَدَّ الْعَذَابِ } مفعول، وقرأ نافع وحمزة والكسائى ويعقوب وحفص وهم قراؤنا باثبات الهمزة مفتوحة وكسر الخاء والامر للملائكة و (آل وأشد) مفعولان للادخال (وآل) فرعون أتباعه (وأشد العذاب) النار لانه أشد من عذاب الغرق وما بعده.
قال ابن عباس: ألوان العذاب غير الذي كانوا يعذبون به منذ غرقوا وقيل أشد العذاب جهنم فحاق بهم ما هموا به للمسلمين (من حفر لأخيه جباً وقع فيه منكباً) كأنهم لما سمعوا وعيد المسلمين بالنار وقول المؤمن
{ { هم أصحاب النار } اهتموا باحراقهم بالنار مثل نمرود فوقع بهم الاحراق واهتموا بالسوء مثل القتل فوقع بهم السوء وهو الاحراق