التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوۤاْ أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ
٦٧
-غافر

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ } أي خلق أباكم منه فحذف المضاف أو أراد أنه خلقنا منه باعتبار أن أصلنا وهو آدم منه وانا كنا أجزاء منه وخروجنا كالذر ثم عدنا أو انا خلقنا من النطفة وهى من الأغذية والأغذية من النبات والنبات من التراب.
{ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } المراد جنس الطفل وحقيقته أي يخرجكم على حقيقة الفعل ولكون الغرض بيان الجنس اقتصر على الواحد لوجود الحقيقة أو المراد يخرج كل واحد منكم طفلاً والعلقة الدم الغليظ المتجسد* { ثُمَّ } يبقيكم أحياء* { لِتَبْلُغُواْ } متعلق بذلك المقدر* { أَشُدَّكُمْ } تكامل قوتكم من الثلاثين السنة الى الأربعين* { ثُمَّ لِتَكُونُواْ } عطف على لتبلغوا أو يقدر له مثل ما قدر له* { شُيُوخاً } بضم الشين عند نافع وأبي عمرو وحفص وهشام وبكسرها عند غيرهم وقرئ (شيخاً) بالافراد وارادة الحقيقة أو على معنى ثم ليكون كل واحد شيخاً ممن أراد الله حياته الى الشيخوخة وعن بعضهم ان (طفلاً وشيخاً) في مثل ذلك ونحوهما افراد مستعملة بمعنى الجمع موضوعة وخصه كثير للضرورة وذلك كله تنبيه على الوحدانية بالعبرة في ابن آدم وتدرج خلقه حالة الطفولية وهي حالة البنوة وحالة تكامل القوة وحالة الشيخوخة وهى حالة الضعف.
{ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ } أي من قبل الشيخوخة أو بعد بلوغ الاشد أو قبل ذلك كله وهو أن يخرج سقطاً بعد ما نفخ فيه الروح* { وَلِتَبْلُغُواْ } متعلق بمحذوف أي ونفعل ذلك لتبلغوا ولا مانع من تقدير نبقيكم أحياء لتبلغوا ولا مانع من عطفه على (لتبلغوا) أو لتكونوا كما قال* { أَجَلاً مُّسَمًّى } يوم الموت فالمراد جنس الأجل أو وليبلغ كل واحد منكم أجلاً على ما مر والمسمى المحدود المعين عند الله وقيل المراد يوم القيامة فعلى الاول لا اشكال في التقدير تقدير (نفعل أو نبقي) ولا في العطف وعلى الثانى فتقدير (نفعل) أولى ويجوز غيره كما مر أي (نبقيكم) مدة لتوافوا يوم القيامة على حال سابق في علم الله بعد موتكم ويضعف جعل اللام بمعنى (الى) مطلقاً ولا سيما مع المضارع { وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ما في ذلك من الحجج والعبر والأحوال العجيبة من القدرة الباهرة الدالة على توحيده وقدرته فتؤمنون.