التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
١٧
-فصلت

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَأَمَّا ثَمُودُ } بالنصب ومنع الصرف للعلمية وتأنيث القبيلة وبالصرف باعتبار القوم وبالرفع ومنع الصرف وبالصرف والرفع أولى لوقوعه بعد (اما) ولعدم احواجه الى المحذوف وبه نقرأ والمنصوب مفعول لمحذوف يقدر بعد الفاء على الاشتغال قاله ابن هشام وقرئ بضم الثاء* { فَهَدَيْنَاهُمْ } دللناهم على سبيل الهدى وأوضحناه لهم قاله ابن عباس وغيره ففيه اطلاق الفعل واردة الدلالة عليه وهذا مجاز بناء على أن حقيقة الهداية الايصال لا الدلالة وان قلنا انها موضوعة أيضاً لمجرد الدلالة كما وضعت للايصال فحقيقة وقيل معنى (هديناهم) دللناهم على الضلالة والرشد استعمالا للهداية في مجرد الدلالة مجازاً أو حقيقة وعلى كون الهداية حقيقة في الايصال الى الهدى وتحصيله فقد استعملها في مجرد الدلالة اشعاراً بأنه مكنهم وأزاج عللهم ولم يبق لهم عذر حتى كأنهم مهتدون* { فَاسْتَحَبُّواْ } اختاروا والاستفعال للمطاوعة أي حببه الشيطان فاستحبوه أو لموافقة المجرد أو المطلب والعلاج اشارة الى أن العمى مثل الشيء الكريه الذى يكتسب بشدة فكأن محبة العمى بعيدة لا تكون الا باكتساب* { الْعَمَى } أي الكفر استعار له لفظ العمى كما أوضحته في حاشية شرح الشيخ عمرة الثلاثي على النونية وشرحه على الرابية والهدى تجريد ان اعتبرناه بمعنى الاسلام والايمان وترشيح ان اعتبرناه بمعنى الاهتداء بالعين* { عَلَى الْهُدَى } أي الايمان والاسلام ويجوز استعمال { الْعَمَى } في حقيقته من عدم البصر وكناية عن الكفر فتفطن وذلك الى الآن فان شريعة الايمان مبينة لليهود والنصارى المختلطين بنا وغيرهم ولكنهم أعرضوا واشتغلوا بالضلال.
{ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ } أهلكتهم صاعقة من السماء وأضافها للعذاب مبالغة والهون مصدر بمعنى الهوان وصف به العذاب مبالغة أو تقدير مضاف أو تأويلاً بالمهين ويجوز كونه بدلا من العذاب وكونه نعتاً لصاعقة فان المصدر ولو مذكرا يوصف به المؤنث* { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } من الشرك والمعاصي وفي أخذهم بكسبهم دلالة على انهم قادرون على أفعالهم لا مجبرون عليها والا لما أخذوا بها وعلى ان الفعل كسب لفاعله والله خالقه مقدر له عليه