التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ
٣٤
-فصلت

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ } كالصبر والحلم والعفو* { وَلاَ السَّيِّئَةُ } كالغضب والجهل على الغير والاساءة قاله ابن عباس: لا تستويان في الجزاء وحسن العاقبة (ولا) زائدة لتوكيد نفي الاستواء وقيل: المراد أن الحسنات متفاوتات والسيئات متفاوتات فبعض الحسنات أعظم من بعض وبعض السيئات كذلك فلا نافية والفعل مقدر أي ولا تستوي السيئات ويجوز الاعراب الأول مع البقاء على هذا المعنى وهو ان الاستواء المنفي هو بين حسنتين وكذلك هو بين سيئتين* { ادْفَعْ بِالَّتِي } أي الخصلة التي* { هِيَ أَحْسَنُ } أي السيئة وهي مفعول (ادفع) (وأحسن) خارج عن معنى التفضيل والمراد حسنة أى ادفع السيئة بالتى هى حسنة أو باق على معناه أي أحسن من غيرها من الحسنات أي أحسن ما يمكن الدفع به فيجوز أن يقدر بالحسنة التي وجهه ان من دفع بالحسنة هان عليه الدفع بما دونها ومن أساء اليك فالحسنة أن تعفو عنه والحسنة أن تحسن اليه مكان اساءته لك مثل أن يذمك فتمدحه ويقتل ولدك فتفدي ولده من يد عدوه وانما لم يقرن ادفع بالفاء لانه جواب سؤال كيف أصنع ولو قرن بالفاء لتوهم العطف كذا قيل فتفوت المبالغة التى يفيدها كونه استئنافاً بيانياً وهو كونه جواب سؤال مقدر وعن مجاهد وعطاء (التي هي أحسن) السلام عند اللقاء قلنا: هو لا شك دفع لشر سابق اعتقاده ولشر يجلبه عدمه والآية جامعة لمكارم الأخلاق وأنواع الحلم.
{ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } والفاء قبل (اذا) الفجائية في نحو (خرجت فاذا الاسد) زائدة لازمة عند الفارسي وجماعة والمازني وعاطفة عند أبي الفتح وغيره والمسببة المحضة بلا عطف عند أبي اسحاق والزجاج قاله ابن هشام (واذ) للمفاجأة حرف وخبر الذي جملة كأنه ولي وان قلنا ظرف فهي خبر والذي مبتدأه وظرف متعلق بخبر { الَّذِي } مقدراً أي فاذا الذي الخ زالت عداوته وثبتت بدلها المحبة وزعم بعضهم انه متعلق بمعنى التشبيه بعده مع أنه جعل (الذي) مبتدأه (وكأنه ولي) خبره وتحتمل الفاء الربط (واذا) لمجرد المفاجأة لان المعنى انك اذا فعلت ذلك انقلب عدوك المشاق مثل الولي أي القريب أو الناصر الحميم المشفق وقيل (الولي) الصديق والحميم القريب.
قيل نزل ذلك في أبي سفيان بن حرب وكان عدواً مؤذياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فصار ولياً مصافياً لان المسلمين بعد شدته بالمصاهرة التى بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم