التفاسير

< >
عرض

سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
٥٣
-فصلت

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الأَفَاقِ } أقطار الدنيا شرقاً وغرباً مما فتح لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللخلفاء من بعده من القرى والاظهار على الملوك وتغليب القليل على الكثير والضعفاء على الأقوياء واجراء خوارق على أيديهم ونشر دعوة الاسلام في أقطار المعمورة وبسط دولته أقاصيها ولم تر وقعة الا آية تقوي اليقين والايمان وتدل أن دين الاسلام هو الحق { وَفِي أَنفُسِهِمْ } ما ظهر فيما بين أهل مكة وما حل بهم من الفتح قاله السدي وجماعة قيل وهذا تأويل حسن يتضمن الاعلام بغيب ظهر بعد ذلك عكس ما بين الموحدين والنصارى في هذا الواقع عام ألف ومائتين وسبعين وما قبله من القرن العاشر وقال قتادة والضحاك: { فِي الآفَاقِ } ما أصاب الأمم المكذبة في أقطار الأرض قديماً وفي أنفسهم يوم بدر وقال ابن عباس: { فِي الآفَاق } منازل الأمم الخالية { وَفِي أَنفُسِهِمْ } البلاء والأمراض وقيل: { فِي الآفَاق } أخبار الغيب عنها وأثر النوازل فيها وفي أنفسهم ما في أبدانهم من عجائب الصنع وقيل { فِي الآفَاق } ما في السماء من القمرين والنجوم وغيرها وما في الارض من شجر ونبات وغير ذلك { وَفِي أَنفُسِهِمْ } من لطيف الصنع وبديع الحكمة { حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ } أي الذكر وهو القرآن { الْحَقُّ } المنزل من الله بالبعث والحساب والعقاب يعاقبون على كفرهم وقيل الضمير للشرع وقيل للتوحيد وقيل للرسول وقيل لله* { أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ } الباء زائدة للتأكيد (ورب) فاعل وفيه اشارة الى معنى { أَوَ لَمْ } تحصل الكفاية بربك وزيادتها في فاعل كفي كثيرة وتزداد أيضاً في فاعل افعل في التعجب على المشهور في نحو (أحسن يزيد) وغير المشهور انها غير زائدة ومجرورها ليس فاعلاً وتزاد أيضاً في غير ذلك.
{ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } يدل من ربك بدل اشتمال أي أو لم يكفهم في صدقك انه لا يغيب عنه شيء فهو يحقق أمرك باظهار الآيات الموعود بها كما حقق سائر ما وعد به وهو مطلع بعلم حالك وحالهم فلا ارتدعوا عن الماضي