التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ وَٱسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ
٦
ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ
٧
-فصلت

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قُلْ } في جواب قولهم { { قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ } الخ { إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } لا ملك ولا جني لا يمكنكم الأخذ عنه فضلاً عن أن لا تسمعوا وعن أن يكون بينكم وبينه حجاب* { يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } أي يوحى الّي ان المعبود واحد لا متعدد وهذا ليس شيئاً يثقل على القلوب والاسماع بل سهل تقبله بل يدل العقل والنقل وقد صحت نبقى { إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ } لان ما أقول لكم انما هو عن وحي لا إني ملك أو جني فوجب عليكم اتباعي فيما يوحى الي ومنه الاستقامة { فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ } استوا اليه بالتوحيد والعمل واخلاص العبادة غير ذاهبين يميناً ولا شمالاً ولا ملتفتين الى ما يسول لكم الشيطان من اتخاذ الاولياء والشفعاء واستقيموا بالتوحيد والاخلاص تائبين اليه من الشرك والمعاصي واستقيموا في أفعالكم متوجهين اليه* { وَاسْتَغْفِرُوهُ } من ذنبكم وشرككم* { وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } لجهلهم واستخفافهم بأمر الله وعدم تصديقهم بوجوبها وانكارهم الثواب والعقاب عليها وعلى غيرها وعدم اشفاقهم على الفقراء قاله الحسن واستوجبوا الويل بمنع الزكاة ففي الآية دليل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ومنها الزكاة وكما يوجبه منعها انكاراً لفرضها وهو نوع شرك يوجبه منعها مع اعتقاد فرضها وهو نفاق وخص منع الزكاة كفراً من بين أنواعه تعظيماً له فان المال شقيق الروح فاذا بذل فهو دليل على الثبات والاستقامة وانما لانت شكيمة المؤلفة بلقمة زكاة وما تظاهر المشركون في ولاية الصدق الا يمنعها فناصبهم الحرب وفي ذلك حض للمؤمنين على أدائها وتخويف شديد من منعها والزكاة من قناطر الاسلام لا ينجو من يقطعها.
وقال ابن عباس وقيل الجمهور المراد بالزكاة لا اله الا الله محمد رسول الله وما جاء به من حق لانه زكاة الأنفس وتطهيرها من الشرك كما قال موسى لفرعون
{ { هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } { ويرجحه ان الآية مكية والزكاة مدنية وعليه الربيع ومجاهد وقال الضحاك ومقاتل الزكاة هنا النفقة في الطاعة وقيل المراد لا يفعلون ما يزكي أنفسهم وهو الايمان والطاعة وقيل كانت قريش يطمعون الحاج ويحرمون من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم و (يؤتون) مبنى للفاعل أي تؤتيون ثقلت الضمة على الياء فنقلت التاء المكسورة قبلها وحذفت الساكنين وأصله (أتى) كأكرم الالف تعد بالهمزة هو همزة (أتى) كرمى قلبت الفا لما دخلت همزة التعدية ولما دخل حرف المضارع حذفت همزة التعدية وقلبت الألف واو الضم* { وَهُم بِالأَخِرَةِ } متعلق بـ (كافرون)* { وَهُم } توكيد لفظي فصل بالظرف ولو أجنبياً للتساهل في الظرف* { هُمْ كَافِرُونَ } والجملة حال مشعرة بأن منع الزكاة لا ستغراقهم في طلب الدنيا وانكارهم للآخرة كفروا بالبعث.