التفاسير

< >
عرض

وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ
٤٣
-الشورى

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ } هذه اللام تصح للابتداء وللقسم أعني تشعر به والله من صبر على الظلم ولم ينتصر وفوض أمره الى الله.
{ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } خير من صبر والرابط محذوف أي ان ذلك منه أو ان فعله ذلك فخاف المنعوت أو المبدل منه والاشارة للمذكور الذى هو الصبر والغفر وان رجعت لمن هي فهي الرابط فبتقدير مضاف أي لمن أهل عزم الأمور (وعزم الأمور) احكامها واتقانها وهو مصدر باق أو بمعنى مفعول أو معزوم الأمور أي من الأمور المطلوبة شرعاً قيل عزم الأمور محكمها ومتقنها والحميد العاقبة منها ومن رأى الآية فيما بين المؤمنين والكافرين وان الصبر للمشركين أفضل قال ان الآية نسخت بآية السيف ومن رآها بين المؤمنين قال محكمة والصبر للمؤمن والغفران أفضل اجماعاً.
وفي الحديث:
"ينادى يوم القيامة من كان له عند الله أجر فليقم فيقوم خلق وروي عنق من الناس كبير فيقال لهم ما أجركم على الله فيقولون نحن الذين عفونا عمن ظلمنا في الدنيا فيقال لهم ادخلوا الجنة بفضل الله" أو باذنه وعن بعض ان الصابر يؤتى بصبره الثواب فالرغبة في الثواب أتم عزم.
وسب رجل رجلاً في مجلس الحسن فكان المسبوب يكظم ويعرق فيمسح العرق فتلا الآية فقال الحسن: عقلها والله وفهمها اذ ضيعها الجاهلون.
وقال ابن أبي الأحوص:
" يا رسول الله أن لي جاراً يسيء مجاورتى أفأفعل به كما يفعل بي قال: لا ان اليد العليا خير من اليد السفلى" . وأراد باساءة المجاورة أنه يضره برائحة طعامه أو اظهاره ولا يعطيه بدليل قوله: "ان اليد العليا" الخ فكأنه قال اعطه ولو لم يعطك فان اليد العليا المنفقة والسفلى الآخذة وان بلا سؤال وقال الجمهور الآخذة بعد السؤال أعنى انها تسأل فتعطى وقيل: المانعة أو أراد بالاساءة المجاورة أنه غير عفيف فيده السفلى والعليا هي المتجففة أو أراد بالاساءة الضر من حيث الطعام وخيره فقال: لا تضره بما ضرك وبين خصوص الضر من حيث المال بعد ذلك بقوله: ان اليد الخ واذا احتج الى كف زيادة البغي وقطع الأذى فترك العفو مندوب اليه كما يدل له قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها "دونك فانتصري" بعد ما أسمعتها زينب رضي الله عنها ما تكره فنهاها ولم تنته