التفاسير

< >
عرض

وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَآ أَنَزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَّن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
٥
-الجاثية

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } أي ذهابهما ومجيئها وسواد وبياض وطول وقصر
{ وَمَآ أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَآءِ مِن رِّزْقٍ } أي من مطر وسماه رزقاً لانه يشرب ولانه سبب الرزق* { فَأَحْيَا بِهِ } أي بما أنزل من السماء من رزق وهو المطر* { الأَرْضَ } جعلها نامية كما ينمو الحيوان* { بَعْدَ مَوْتِهَا } بعد يبسها* { وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ } تقليبها في الجهات جنوباً وشمالاً والدبور والصبا وباردة وحارة.
وقرأ حمزة والكسائى (الريح) بالافراد وعدم نموها كالميت*
{ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } الدليل فيؤمنون وقرأ (آية) بالافراد هنا في قوله
{ { وما يبث من دابة آيات } (وآيات) بالنصب معطوف على اسم ان { وَاخْتِلاَفِ } مجرور بالعطف على مجرور (في) وهذا عند من جوز العطف على معمولي عاملين مختلفين ومن منع جعل اختلافه مجروراً بفي محذوفة وهذا جائز في مثل الآية مما تقدم فيه مثل الجار لا مجروراً بالعطف فيكون في المقدرة ومجرورها معطوفين على المتقدمين اللذين هما خبر لان (وآيات) على اسم ان عطف معمولين على معمولي عامل واحد أو بعطف (اختلاف) على مجرور (في) وبنصب (آيات) بأَعنى محذوفاً وذلك قراءة حمزة والكسائى ويعقوب وقرأ غيرهما برفع (آيات) عطفاً على جر لاختلاف على مجرور (في) وعطفاً لآيات على محل (ان) واسمها ومحلها رفع على الابتداء فيما قيل أو على محل اسم (ان) بناء على عدم شرط وجود المحرز في العطف على المحل وذلك عطف على معمولى عاملين فعامل الرفع الابتداء وعامل الجر (في) ومن منع ذلك جعل الجر (بفي) مقدرة والجملة مبتدأ وخبر وجعل (آيات) خبر المحذوف أي (هي آيات) { وَاخْتِلاَفِ } معطوف على المجرور وقرئ برفع (اختلاف) (وآيات) على الابتداء والاخبار والجملة معطوفة على جملة (ان) ومعموليها ومن أجاز العطف على المحل مع عدم وجود المحرز أجاز عطف (اختلاف) بالرفع على محل اسم ان (آيات) على خبرها ويجوز عطف الاول محل (ان) واسمها الثاني على خبرها وفي ذلك عطف على معمولي عاملين قال ابن هشام: أما رفع { آياتٌ } وجر { اخْتِلافِ } فعلى نيابة الواو مناب الابتداء و (في) واما النصب في الآيات فعلى نيابتها مناب (ان) وفي قال وأجيب بتقدير في الجارة ويؤيده قراءة ابن مسعود قالوا: ونابت عن عامل واحد وهو الابتداء أو (ان) وبأن انتصاب (آيات) على التوكيد للاولى ورفعهما على تقدير مبتدأ وبأن النصب على اضمار (ان) واضمارها بعيد باختصار واختلف الفواصل (المؤمنين ويؤمنون ويعقلون) لاختلاف الآيات دقة وظهوراً الا أن المنصفين اذا نظروا النظر الصحيح في السموات والارض علموا انها مصنوعة ولا بد من صانع فيؤمنون واذا نظروا في خلق الناس وما على الأرض والتنقل من حال لأخرى ازدادوا ايماناً وأيقنوا وانتفي اللبس واذا نظروا في سائر الحوادث التي تتجدد كالليل والنهار والمطر والريح استحكم علمهم وخلص يقينهم وعدوا فيمن عقل أسرار كتاب الله وآيات السموات والأرض بجملة يثيرها الفكر ويخبر بكثير منها الشرع فجعلها للمؤمنين وذكر خلق البشر والحيوان وكأنه أغمض فجعله للموقنين الذين نظرهم يؤديهم الى اليقين وذكر اختلاف الليل والعبرة بالامطار والرياح فجعل ذلك { لقوم يعقلون } اذ كل عاقل يحصلها وهذا النظر يعطيه اللفظ ولو كان غير اللازم