التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَٱسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
١٠
-الأحقاف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قُلْ أَرَءَيْتُمْ } أخبروني* { إِن كَانَ } أي القرآن*
{ مِنْ عِندِ اللهِ وَكَفَرْتُم بِهِ } الواو للحال على تقدير قد أو المبتدأ الى (وقد كفرتم) أو وأنتم كفرتم أو للعطف وبعض يجيز قرن الماضي بواو الحال فلا تقدير والواو في*
{ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَآئِيلَ عَلَى مِثْلِهِ } عاطفة على كان أو كفرتم بوجهيه أو للحال من (تاء) كفرتم والعطف (في)* { فآمَنَ } على { شَهِدَ } (وفي)* { وَاسْتَكْبَرْتُمْ } على (آمن) نحو أحسنت اليك وأسأت وأقبلت اليك وأعرضت أي أخيرونى ان اجتمع كون القرآن من عند الله مع كفركم به واجتمع شهادة علم بني اسرائيل على نزول مثله وايمانه به مع استكبارهم عنه وعن الايمان فأنتم أضل الناس أو فلستم ظالمين فحذف الجواب للدلالة*
{ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } عليه ولا يقدر ذلك بدون الفاء كما فعل الزمخشرى قاله ابن هشام لاجل الاستفهام والشاهد عند الجمهور ومسروق هو موسى والآية مكية وقال أنس ومجاهد وغيرهما الشاهد عبدالله بن سلام والآية مدنية.
قال عبدالله بن سلام في نزول
{ { قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عند علم الكتاب } } { { قل أرأيتم ان كان من عند } الخ الاية وهاء مثله للقرآن والمثل التوراة أي شهد على مثله انه من الله أو المثل ما في التوراة من المعنى المصدقة للقرآن المطابقة له من التوحيد والوعد والوعيد وغيرها بدليل { { وإنه لفي زبر الأولين } } { { إن هذا لفي الصحف الأولى } } { { كذلك يوحى إليك والى الذين من قبلك } والمراد على نحو ذلك وهو كونه من عبدالله وفي التوراة شهادة لموسى برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومتعلق (آمن) محذوف أي آمن بالقرآن أي آمن الشاهد به لما رآه من جنس الوحي مطابقاً للحق أو آمن بالنبي والذي حضر القرآن هو عبدالله والايمان مسبب عن الشهادة لانه لما علم ان مثله نزل على موسى وانه من جنس الوحي وأنصف واعترف كان ايمانه نتيجة بدليل الفاء والخطاب للعرب وقيل لليهود بلغ ابن سلام وهو في أرض يخترقها قدوم النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه وقال أسألك عن ثلاث لا يعلمها الا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام يأكله أهل الجنة ولم يسبق الولد أباه أو أمه وروي أو أخواله وانما قال له ذلك بعد ما نظر الى وجهه فعلم انه ليس بوجه كذاب وتأمله فتحقق أنه النبي المنتظر فقال صلى الله عليه وسلم "أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق الى المغرب وأول طعام أهل الجنة كبد الحوت الذي تحت الارض والولد يشبه أباه ان سبق ماءه وأمه ان سبق ماؤها أخبرني بهم آنفاً جبريل" فقال ابن سلام ذلك عدو اليهود من الملائكة أشهد انك رسول الله ثم قال ان اليهود قوم بهت يا رسول الله ان علموا باسلامي قبل أن تسأل عني بهتوني عندك وجاء واختفي ابن سلام فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "أي رجل عبدالله بن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا قال أرأيتم ان أسلم قالوا أعاذه الله من ذلك قيل فأعاد عليهم وقالوا مثل ذلك فخرج عبدالله فقال أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمداً رسول الله فقالوا شرنا وابن شرنا وانتقصوه قال هذا ما كنت أخاف يا رسول الله واحذر."
قال سعد بن أبي وقاص: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الارض انه من أهل الجنة الا لعبد الله بن سلام ذكر ذلك الزمخشري والثعالبي والخازن وغيرهم.
قال سعيد وفيه نزل { وَشَهِدَ شَاهِدٌ } وقال مسروق بن الأجدع والله ما نزلت في ابن سلام لأن { حم } نزلت بمكة واسلامه كان بالمدينة بل في محاجة كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لقومه ومثل القرآن التوراة شهد موسى على التوراة ومحمد على القرآن وكل يصدق الآخر أي شهد على التوراة التي هي مثل القرآن انها من عند الله كما شهد محمد على القرآن فآمن من آمن بموسى واستكبرتم يا معشر العرب عن الايمان بمحمد والقرآن وجملة { إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } استئناف معشر بأن كفرهم لضلالهم المسبب عن ظلمهم