التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ ٱلْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوۤاْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ
٢٩
-الأحقاف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ } { وَإِذْ } مفعول (أذكر) وصرفنا أرسلنا والنفر اسم جمع ويجمع على النفر وفي حديث أبي ذر لو كان ههنا أحد من أنفارنا والنفر يطلق على التسعة وما دونها الى الثلاثة وعن بعضهم النفر القوم لا أنثى فيهم وكان ذلك الجن ذكوراً لا أنثى فيهم وقرئ (صرفنا) بالتشديد للتأكيد لانه صرف اليه سبعة من جن نصيبين شامر وماصر وحسى ومسى والأفخر والأرد وأنيان وقيل: والأحقب فجعلهم النبي صلى الله عليه وسلم رسلاً الى قومهم. هذا قول ابن عباس وقيل تسعة بالمثناة أو لا وقيل وكان زوبعة من هذه التسعة.
قال عطاء: كان النفر يهود ثم أسلموا وفي الخبر فرق الشرك والتوحيد كلها والحق انهم مكلفون مثابون معاقبون
وقال أبو حنيفة: لا ثواب لهم الا النجاة من النار صنف يطير وصنف كالحية والكلب وصنف يرحل ويظعن والكل ممن أرسل اليه نبينا صلى الله عليه وسلم ولما مات أبو طالب ناصره وخرج الى ثقيف يستنصرهم وعمد الى سادتهم عبد ياليل ومسعود وحبيب (وهو اخوة بنو عمرو بن عمير) وعندهم قريشية جمحية فدعاهم الى الله فقال أحدهم وهو يمرط ثياب الكعبة ان أرسلك الله. والآخر: ما وجد أحدا يرسله غيرك والآخر: لا أقول شيئاً ان أرسلك الله فأنت أعظم من أن أرد عليك بالكلام وان كذبت فما ينبغي أن أكلمك فقام آيساً من خير ثقيف قائلا اكتموا اذ فعلتم كره أن يتجرأ قومه عليه وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون حتى اجتمع عليه الناس وألجأوه الى حائط عتبة وشيبة ابني ربيعة فرجعوا وقعد تحت عنبة وهما فيه يريان ما فعلوا به فقال
"اللهم أشكو اليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهوانى على الناس وأنت أرحم الراحمين وأنت رب المستضعفين أنت ربي الى من تكلني الى بعيد يتجهمني أو الى عدو ملكته أمري ان لم يكن لك عليّ غضب فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع اني أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل عليّ سخطك لك العتبى حتى ترضى لا حول ولا قوة الا بك" فرحمه ابنا ربيعة فقالا لعداس وهو غلام نصراني لهما ناوله عنباً في ذلك الطبق فناوله له فقال (بسم الله) فنظر عداس الى وجهه وقال والله ما يقول أهل البلدة هذا الكلام فقال: من أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟ فقال: نصراني من نينوي فقال: أمن قرية الرجل الصالح يونس ابن متى؟ فقال عداس: ما يدريك به؟ قال: ذاك أخي نبي وأنا نبي فقبل عداس رأسه ويديه وقدميه فقال أحدهما أفسد غلامك ولما جاءهما قالا ويلك مالك تقبله فقال ما في الارض خير منه أخبرني بأمر انما يعلمه نبي فقالا ويحك لا تترك دينك فانه خير.
ونظر سحابة فناداه جبريل منها سمع الله كلامك وقد أمر ملك الجبال فمره بما شئت فسلم عليه ملك الجبال وسماه يا محمد وقال مرني بما شئت ان شئت أطبقت عليهم الأخشبين فقال بل أرجو أن يخرج منهم من يعبد الله.
وقد لقي تلك القريشية فقال: ماذا لقيت من احمائك فرجع الى مكة فصلى بنخلة ليلاً فمر به النفر من جن نصيبين قاصدين اليمن حين منعوا من الاستراق بالشهب فاستمعوا له كما قال*
{ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ } حال مقدرة أي مقدراً لهم الاسماع* { فَلَمَّا حَضَرُوهُ } أي القرآن فلا التفات ويقويه { فَلَمَّا قُضِيَ } بالبناء للمفعول وقيل الضمير للرسول ففيه التفات ويقويه قراءة بعض { فَلَمَّا قُضِيَ } بالبناء للفاعل* { قَالُواْ أَنصِتُواْ }.
قال بعضهم لبعض اصغوا لقراءته وحرصوا حتى كاد بعضهم يقع على بعض*
{ فَلَمَّا قُضِيَ } فرغ من القراءة وقرئ ببنائه للفاعل على أن الضمير له صلى الله عليه وسلم.
{ وَلَّوْاْ إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } مقدرين الانذار لقومهم بما سمعوا وذلك لايمانهم والا لم ينذروا قومهم