التفاسير

< >
عرض

قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤْتِكُمُ ٱللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً
١٦
-الفتح

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قُلْ لِّلْمُخَلَّفِينَ } المقام للاضمار وعبر بالظاهر تشنيعا عليهم باسم التخلف* { مِنَ الأَعْرَابِ } اختبارا* { سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ } يوحدون أو ينقادون للجزية ان كانوا من أهلها لا سوى ذلك ما يدل له قراءة (أو يسلموا) بالنصب أي تقاتلونهم حتى يسلموا ويجوز كون (أو) بمعنى (الى) أو (كي) التعليلية وهي قراءة أبي مثلها لألزمتك وتقضي حقي وأما اثبات النون فعطف على (تقاتلون) أو خبر لمحذوف أي أو هم يسلمون قاله ابن هشام وذلك اخبار بغيب فهو معجزة والقوم عند قتادة وغيره ثم ثقيف وهوازن وغيرهم ممن حارب يوم حنين وقيل عنه هوازن وغطفان وقال سعيد بن جبير هوازن وثقيف وقال ابن عباس ومجاهد وفارس وقال كعب الروم وقال الحسن فارس والروم وقال الزهري وجماعة بنو حنيفة أهل اليمامة أصحاب مسيلمة الكذاب وأهل الردة قال الثعلبي قال رافع بن خديج والله كنا نقرأ هذه الآية ولا نعلم من هم حتى دعا أبو بكر الى قتال بني حنيفة فعلمنا أنهم المراد فالداعي أبو بكر وقيل دعاهم عمر الى فارس وفي ذلك دليل على صحة خلافتهما لأن الله وعد على طاعتهما الجنة وعلى مخالفتها النار ويؤيد القول بأنه أبو بكر أنهم لم يدعوا الى حرب في أيامه صلى الله عليه وسلم بل بعده كيف يدعوهم صلى الله عليه وسلم مع قوله { { فقل لن تخرجوا معي أبداً } ..الخ وعن أبي هريرة لم يأت تأويل الآية بعد ويدل على أنهم هوازن وثقيف وغطفان أن العرب ظهر أمرهم آخر الأمر على عهده صلى الله عليه وسلم إما مؤمن نقي واما مشرك مجاهر والمنافقون علموا من امتناع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليهم وكان الداعي الى حرب من خالفه من الكفار فكان هوازن وثقيف وغطفان أشد العرب بأسا واما قوله { { فقل لن تخرجوا } .. الخ فاما أن يراد ما دمتم على ما أنتم عليه من مرض القلوب والاضطراب في الدين ومن تاب قبلت توبته وخرج معه أو على قول مجاهد أنهم لا يخرجون الا متطوعين لا نصيب لهم في الغنيمة وأيضا المراد { { لن تخرجوا معي } الى غزوة خيبر أبدا والا لما أمرهم أبو بكر وعمر بالخروج معهما كما امتنعا من قبول زكاة ثعلبة لامتناعه صلى الله عليه وسلم منها قيل أقوى الأقوال أنهم ثقيف وهوازن وأبعدها أنهم بنو حنيفة وأهل الردة الذين حاربهم أبو بكر واختاره بعضهم لأن مشركي العرب والمرتدين هم الذين لا يقبل منهم الا الاسلام أو السيف عند أبي حنيفة ومن عداهم من مشركي العجم وأهل الكتاب والمجوس دون مشركي العجم والعرب وأجيب بأن المراد بالاسلام الخضوع وترك القتال والدخول في السلم فيعم التوحيد والاذعان للجزية فصلح للتفاسير و (تقاتلون) تفسير لـ (تدعون) أي سيطلب منكم مقاتلتهم أو بدل قيل أو حال مقدرة فتأمل هذه الأقوال { فَإِن تُطِيعُواْ } الى قتالهم { يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً } الغنيمة في الدنيا والجنة في الآخرة وقيل المراد الجنة { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ } تعرضوا عن القتال { كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ } أي عام الحديبية عن النبي صلى الله عليه وسلم { يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً } في الآخرة لتضاعف جرمكم فمنهم من تاب ولم يتول ولما قال المرضى وأهل الأعذار ما حالنا يا رسول الله أنزل الله*
{ لَّيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ }