التفاسير

< >
عرض

وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً
٢٠
-الفتح

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } من الفتوحات الى يوم القيامة قاله مجاهد وغيره { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ } غنيمة خيبر وهي في جنب ما وعد به من الغنائم قليل وفي ذلك اشارة الى كثرة الفتوحات وقال زيد بن اسلم وابنه وابن عباس المغانم الكثيرة خيبر وهذ لعجلة البيعة والتخلص من أمر قريش { وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ } بالصلح وهم أهل خيبر وحلفاؤهم من بني أسد وغطفان وقريش ومن معهم من أهل مكة ومن حولها وقيل: المراد أهل مكة ومن حولها وقال قتادة (كف أيدي الناس) عن أهل المدينة في مغيبه صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين بعد ما أرادوا أن يغيروا على عيالهم في المدينة وقيل اليهود فقذف في قلوبهم الرعب* { وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } العطف على محذوف هو علة لكف أو لعجل أي لتسلموا ولتكونوا ولتأخذوا ولتكونوا أو بنفعكم بها ولتكون واسم (تكون) عائد الى الكفة أو الغنيمة ويجوز التعليق بمحذوف معطوف أو مستأنف أي وفعل ذلك لتكون آية للمؤمنين والمراد بالآية آية تدل على صدقه صلى الله عليه وسلم في اخباره عن الغيوب فيزدادوا يقينا الى يقينهم اذا صدق وعده أو آية يعرفون بها أنهم من الله بمكان وانه ضامن نصرهم ومتوليه وضامن الفتح عليهم وقد صدق صلى الله عليه وسلم في وعدهم خيبرا في حين رجوعه من الحديبية ووعد المغانم والآية الأمارة والعنوان على فتح مكة قبل رؤياه صلى الله عليه وسلم فتح مكة في منامه ورؤياه الانبياء حق ووحي فتأخر ذلك الى السنة القابلة فجعل خيبر عنوانا لفتح مكة* { وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } التوكل والثقة بالله وبصيرة أي يزيدكم ذلك وقيل يهديكم الى دين الاسلام ويثبتكم عليه ويزيدكم يقينا بصلح الحديبية وفتح خيبر*
بيان فتح خيبر
على ما ذكره الثعالبي في كتابه المسمى بالأنوار في آيات النبي المختار وغيره أتى خيبرا ليلا وكان اذا أتى قوما لم يقربهم حتى يصبح فلما أصبح خرجت اليهود لخدمتهم بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا محمد والله محمد والخميس أي الجيش فقال صلى الله عليه وسلم الله أكبر خربت خيبرا اذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين وعن بعض وعده الله خيبرا وهو في الحديبية ونزل بواد يقال له الرجيع بين خيبر وعساكر غطفان وغيرهم لئلا يمدوا خيبر وقد جاءوا لمدهم وسمعوا حسا فخافوا أهلهم وأموالهم ورجعوا بعد ما ساروا مرحلة فاخذها صلى الله عليه وسلم حصنا حصنا وشكا اليه بعض أصحابه الجوع فقال اللهم قد علمت حالهم وانه لا قوت لهم وليس بيدي ما اعطيهم فافتح عليهم أعظم حصونها غنى واكثرها طعاما وورد فافتح عليهم حصن الصعب بن معاذ أكبر حصونها طعاماً وودكا وشعيرا وتمرا وسمنا وعسلا ونادى مناديه صلى الله عليه وسلم كلوا واعلفوا ولا تحملوا الى بلادكم ووجدوا كثيرا من البز والآنية والغنم والبقر والحمر وآلات الحرب ظن اليهود أن الحصن يكون دهراً فعجل الله خزيهم قيل وجدوا من البز عشرين عكما محزومة من غليظ متاع اليمن وآلفا وخمسمائة قطيفة ما بقي مسلم الا أخذ قطيفة قدم بها الى أهله ووجدوا ما يملأ جلد الجمل أكثره أسورة الذهب ودمالجه وفرضته وخلال الذهب ونظم من جوهر وزمرد وخواتم الذهب ومن الكتيبة وحدها مائة درع وأربعمائة سيف والف رمح وخمسمائة قوس عربية بجعابها وحاصروا حصنا يقال له البراز فقاتلوه اشد القتال حتى أصاب النبل ثيابه صلى الله عليه وسلم وعلقت به فاخذه وجمعه وأخذ كفا من حصباء فحصب بها حصنهم فرجف وساخ في الأرض فاخذ أهله اخذا وآخر حصونهم فتحا الوطيخ حاصره بضع عشرة ليلة فخرج منه مرحب اليهودي وهو ملكهم راجزا*

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
اذا الحروب اقبلت تلهب أطعن احيانا وحينا أضرب

فقال صلى الله عليه وسلم من لهذا؟ فقال محمد بن مسلمة أنا والله قال فقم اليه اللهم اعنه فحمل عليه فضربه فاتقاه محمد بالدرقة فامسكت سيفه فقتله محمد ثم خرج أخوه ياسر قائلا هل من مبارز فخرج اليه الزبير بن العوام فقالت أمه صفية بنت عبدالمطلب يقتل ابني يا رسول الله قال بل ابنك يقتله ان شاء الله فقتله الزبير واخذته صلى الله عليه وسلم الشقيقة وبعث أبا بكر برايته الى حصن فقاتل ولم يكن فتح وقد جهد وبعث من الغد عمر وقاتل اشد ولم يفتح وقد جهد فقال صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية غدا رجلا يفتح على يديه فدعا عليا وهو ارمد فتفل في عينيه فبرئ فخرج فركز الراية في رضم من حجارة تحت الحصن فاطلع اليه يهودي من الحصن فقال من أنت؟ قال علي بن ابي طالب فقال اليهودي (علوتم وما أنزل على موسى) وما رجع حتى فتح وضربه يهودي فطرح ترسه من يده فتناول بابا عند الحصن يترس به حتى فتح فألقاه قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقد رأيتني في سبعة أنا ثامنهم نجهدن نقلب الباب فما قدرنا والذي بعثه صلى الله عليه وسلم الى علّي هو سلمة بن الأكوع الطويل ولما قال مرحب (قد علمت خيبر).. الخ أجابه علي:

أنا الذي سمتني أمي حيدره أضرب بالسيف رقاب الكفره
كليث غابات كريه المنظره أوفيهم بالصاع كيل السندرة

ولما قال صلى الله عليه وسلم لاعطين الراية غدا رجلا يفتح على يديه بات الناس يذكرون أيهم يعطيها فلما أصبحوا غدوا اليه رجاء لها قال لعلي "انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم وادعهم الى الاسلام وما يجب عليهم من حق الله فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم" وروي "خير من الدنيا وما فيها" وروي "خير مما طلعت عليه الشمس" وعن بعضهم أنه لما بعثه شكا اليه الحر والقراقلة لباسة فقال صلى الله عليه وسلم اللهم لا يشتكي حراً ولا قراً قال علّي فما وجدتهما الى الآن وعن الوافدي ان اليهود لما أيقنوا بالهلاك بعثوا ابن أبي الحقيق الى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصالحهم على حقن دمائهم وترك الذرية لهم ويخرجوا من خيبر بذراريهم ويخلوا بينه صلى الله عليه وسلم وبين ما كان لهم من مال وأرض وعلى الصفراء والبيضاء والكراع والحلقة وعلى البز الا ثوبا على ظهر انسان فقال صلى الله عليه وسلم وبرئت ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ان كتموني شيئا فصالحوه على ذلك وعن ابن عباس صالحهم على كل شيء الا أنفسهم وذراريهم وأتى بالربيع وكنانة ابني أبي الحقيق وأحدهما عروس بصفية فقال اين آنيتكما التي كانت تستعار في أعراس المدينة قالا أخرجناها فأنفقناها فقال لرجل اذهب الى نخل كذا كذا فانظر نخلة في رأسها رقعة فانزع الرقعة ففعل فاستخرج ما أخفياه وضربت اعناقهما وبينما النبي صلى الله عليه وسلم محاصرا لبعض حصون خيبر اذ أتاه الاسود الراعي واسمه أسلم ومعه غنم يرعاها بالأجرة ليهودي فقال يا رسول الله أعرض عليّ الاسلام فعرضه فأسلم فقال كيف أصنع بهذه الغنم قال اضرب وجوهها وقل ارجعي الى صاحبك فوالله لا أصحبك ففعل وخرجت مجتمعة كأَن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن ثم تقدم الى ذلك الحصن ليقاتل مع المسلمين فاصابه حجر فقتله وما صلى صلاة قط فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه خلفه وسجي بشملة كانت عليه فالتفت اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أعرض فقالوا أعرضت عنه يا رسول الله فقال ان معه الآن زوجتيه من الحور العين قال ابن اسحاق عن عبدالله بن ابي نجيح عن غيره ان الشهيد تنزل زوجتاه من الحور العين تنفضان التراب عن وجهه ويقولان ترب الله وجه من تربك وقتل من قتلك وقال له بنو فزارة ان لم تعطنا من مغانم خيبر قاتلناك فقال موعدكم خيفاء ماء من مياء فزارة فرجعوا هاربين واسلم واحد منهم واحسن وقال لما نفرنا الى أهلنا بخيفاء مع عيينة بن حصن عرسنا في موضع يقال له الخطام فقال عيينة ابشروا اني أعطيت ذا الرقيبة جبلا بخيبر وقد والله أخذت برقبة محمد قال فقدمنا خيبرا فوجدناه صلى الله عليه وسلم فتحها وغنمها فقال عيينة اعطني ما غنمت من طعام أبي فاني انصرفت عنك بأربعة آلاف مقاتل رغبة عن قتالك فقال كذبت ولكن الصباح سمعت انفرك الى أهلك قال اجزني قال لك ذو الرقيبة فقال ما هو قال الجبل الذي رأيت في المنام انك أخذته فانصرف عيينة الى أهله فجاءه ابن عوف رجل من قومه فقال ألم أقل لك إنك في غير شيء والله ليظهرن محمد على ما بين المشرق والمغرب يهود كانوا يخبروننا بهذا وقد سمعت ابا رافع سلام بن ابي الحقيق يقول انا نحسد محمدا على النبوة حيث خرجت من بني هارون وهو نبي مرسل ويهود لا تطاوعني على هذا ولنا منه ذبحان واحد بيثرب وآخر بخيبر ويملك الأرض جميعا قال نعم والتوراة التي أنزلت على موسى وما أحب ان تعلم يهود بقولي فيه وعن انس كان صلى الله عليه وسلم اذا غزا قوما لم يغزينا حتى يصبح وينظر فان سمع إذانا كف والا اغار عليهم فخرجنا الى خيبر فلما انتهينا اليهم ليلا بات ولم يسمع اذانا في الصبح فركب وركبت خلف ابي طلحة وان قدمي تمس النبي صلى الله عليه وسلم ولما خرجنا جعل عمي عامر يرتجز.

تالله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا فثبت الاقدام ان لاقينا
وانزلن سكينة علينا

وقال صلى الله عليه وسلم من هذا؟ قال أنا عامر فقال غفر لك ربك وما خص أحدا بالاستغفار الا استشهد فنادى عمر رضي الله عنه على جمل لو متعتنا يا رسول الله بعامر فلما قدمنا خيبر مرحب يخطر بسيفه قائلاً:

قد علمت خيبر اني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلتهب

وبرز له عامر قائلا:

قد علمت خيبر اني عامر شاكي السلاح بطل معاقر

فوقع سيف مرحب في ترس عامر وذهب عامر له فرجع سيفه على نفسه فقطع أكحله فمات قال سلمة فقال نفر بطل عمله لقتل نفسه فاتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت بطل عمل عمي فقال من قال ذلك قلت نفر من أصحابك قال كذب من قال ذلك بل له الأجر مرتين وروي أنه لما بعث علياً قال امش ولا تلتفت حتى يفتح الله على يدك وضرب مرحبا على مغفره وهو من حجر فشقه حتى بلغ سيفه أسنان مرحب قال ابن اسحاق أول حصن فتحوه حصن ناعم وعنده قتل محمد بن مسلمة القت عليه اليهود حجرا ثم العموص حسن ابي الحقيق ومنه صفية بنت حيي بن اخطب جاء بها بلال وبأخرى معها فمر على قتلى اليهود فلما رأتهم التي مع صفية صاحبت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أغربوا عني هذه الشيطانة وأمر بصفية فجهزت خلفه وألقى عليها رداءه فعرفوا انه اصطفاها لنفسه وقال لبلال أنزعت منكم الرحمة يا بلال جئت بامرأتين على قتلى رجالهما وكانت صفية زوجة لكنانة بن الربيع بن ابي الحقيق رأت أن قمراً وقع في حجرها فعبر ذلك بانها تتمنى ملك الحجاز محمدا فلطم وجهها حتى اخضرت عيناها وبقي أثر في وجهها فسألها صلى الله عليه وسلم عنه فاخبرته بذلك ثم أتي بزوجها وعنده كنز بني النضير فجحده وأتي بيهودي قال رأيته يطوف في هذه الخربة كل غداة فقال صلى الله عليه وسلم أنقتلك ان وجدناه قال نعم فحفرت الخربة فوجد بعضه وسأله عن البقية فجحد فامر به الى الزبير يستأصل ما عنده فكان يقدح بزنده على صدره فأشرف على الموت ثم دفعه لأخي محمد بن مسلمة فقتله بأخيه وعن أنس صلينا بغلس صلاة الغداة فركب صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة وأتى رديفه فجرى صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر وان ركبتي لتمس فخذه ثم كشف عن فخذه حتى بدأ بياضه وهو دليل من قال ليس الفخذ عورة أو كشفه عن غير عمد ولما دخل قال ثلاثا انا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذربن فأصبناها عنوة فجمع السبي فقال لحية اعطني جارية من السبي يا رسول الله قال خذ فأخذ صفية فقيل لا تصلح الا لك يا رسول الله هي بنت سيد قريظة والنضير فقال ادعوه فنظر اليها فقال خذ غيرها فاعتقها صلى الله عليه وسلم وتزوجها قيل لأنس ما أصدقها قال نفسها اعتقها وتزوجها جهزتها له ام سلمة في الطريق فأهدتها اليه ليلا فأصبح عروساً فقال من كان عند شيء فليجئ به فبسط نطعا وهو الجلد وجعل الرجل يأتي بالتمر والآخر بالسمن والآخر بالسويق فتحاس حيسا فكان وليمته قلت: لا صداق واجب عليه وعن عبدالله بن أبيّ أصابتنا مجاعة ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها فلما غلت القدور نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم اكفئوا القدور ولا تطعموا من لحوم الحمر شيئا فقلنا انما نهى عنها لأنها لم تخمس وقال آخرون حرمها البتة وسالت سعيد بن جبير فقال حرمها البتة وعن جابر بن عبدالله نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص في لحوم الخيل قالت عائشة لما فتحت خيبر قلنا الآن نشبع من التمر وروي انه جعل الناس يتبايعون غنائمهم فقال رجل يا رسول الله لقد ربحت اليوم ربحاً ما ربحه أحد من أهل هذا الوادي قال ويحك وما ربحت قال ما زلت أبيع وأشتري حتى ربحت ثلاثمائة أوقية فقال صلى الله عليه وسلم "ألا أنبئك بخير ربح قال وما هو يا رسول الله قال ركعتان بعد الصلاة" وأجلى عمر في امارته اليهود والنصارى الى تيهاء واريحياء لأنه صلى الله عليه وسلم لما أراد اجلاء يهود خيبر سألوه ان يقرهم ويعملوا ولهم نصف التمر فأقرهم على انه إذا شاء أخرجهم ولما سمع أهل فدك بإقراره لهم على النصف جاءه أهل فدك وطلبوا ذلك ففعل على أنه اذا شاء أخرجهم وقد بعثوا قبل اليه حين سمعوا فتح خيبر أن يحقن دماءهم ويخلوا له الأموال ففعل فكانت فدك له خاصة لأنهم لم يوجفوا عليها خيلا ولا ركابا ولما اطمأن صلى الله عليه وسلم أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم اليهودية شاة مشوية وروى أبو داود إنها عنز فسألت اليهود أي سم يقتل في الوقت فاشاروا لها وأكثرت منه في الذراع والكتف لأنها سألت أي الشاة أحب اليه أي اجزائها فقالوا الذراع والكتف فوضعته بين يديه وأيدي من حضر من أصحابه وفيهم بشر بن البراء بن معرور وقيل انها صنعت به ثريدا فتناول صلى الله عليه وسلم الذراع فانتهش منه فلم يبتلعه وناول بشر عظما فابتلعه ولفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يخبرني هذا العظم انه مسموم فقيل ان بشرا مات به في المرض الذي توفي فيه وقيل انه صلى الله عليه وسلم ابتلع فجئ بها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها فقالت أردت قتلك فقال ما كان الله ليسلطك على ذلك قال عليّ: أنقتلها؟ قال لا وروي أنها قالت من اخبرك فقال اخبرتني هذه الذراع قالت صدقت قالت قلت ان كان ملكا استرحنا منه او نبيا لم يضره وروي أنه أكلت منها جماعة ماتوا كلهم بها فلما أخبرته الذراع قال ارفعوا أيديكم فان هذه الذراع تخبرني انها مسمومة وانه احتجم على كاهله من أجل أكله منها وانها لما قال ما حملك على هذا قالت بلغت من قومي ما لم يخف عليك فقلت ان كان نبيا لم يضره وان كان غيره استرحنا منه وقيل انه قال "اجمعوا لي من هنا من اليهود فجمعوا فسألهم عن أشياء منها من أبوكم قالوا فلان قال كذبتم أبوكم فلان قالوا صدقت وبررت وسألهم من أهل النار قالوا نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا قال اخسأوا فيها والله لا نخلفكم أبدا وسألهم هل جعلتم في هذه الشاة سما قالوا نعم قال ما حملكم؟ قالوا ان كنت كذابا استرحنا منك أو نبيا لم يضرك وعفا عنها" رواه أبو هريرة وقيل دفعها الى أولياء بشر فقتلوها قصاصا ولو صح انها اسلمت وانها قالت الآن استبان انك صادق أشهدك ومن حضر إني على دينك وإن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وفهمنا إنها قتلت قصاصا رواية إنه دفعها لأولياء بشر فقتلوها وهذا مراد السهيلي ولولا ذلك لاحتمل إنه أمر بقتلها لنقض العهد ويدل له أنها أخرت حتى مات بشر ويضعف ادعاء أنه أخرها الى أن تحققت عظمة جنايتها فقتلها للنقض وروي انه صلبها ولا يرد على ادعاء ان القتل قصاص منها ولو بني على المماثلة لأن المماثلة للمولى وأما الامام فله فعل ما شاء فصلبها زجرا وتنكيلا والقتل بالسيف لا يوجب كون القتل للنقض لجوازه بدل القتل بالسم وعن عائشة كان يقول في مرض موته يا عائشة ما زال أجد الم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا وان وجدت انقطاع ابهري من ذلك السم وقال لام بشر ما زالت أكلة خيبر مع ابنك تعاودني فهذا وان قطعه ابهري فجمع الله له بين الشهادة والنبوة