التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
١٠
-الحجرات

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } في الدين والموالاة وهذا بيان لكون الايمان قد عقد بين أهله من السبب القريب والنسب اللاصق عقدا عظيما فهم منتسبون الى أصل واحد وهو الايمان الموجب للحياة الأبدية قال بعض:

أبي الاسلام لا أب لي سواه اذا افتخروا بقيس أو تميم

وذلك تعليل للامر بالاصلاح وانهاض الى الاصلاح بركوب السهل والصعب فان فتنة اخيك فتنة لك وهو عضدك قال صلى الله عليه وسلم "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يعيبه ولا يتطاول عليه في البنيان فيستر عنه الريح الا باذنه ولا يؤذه بقتار قدره" ثم قال "إحفظوا ولا يحفظ منكم إلا قليل" وقال صلى الله عليه وسلم "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج بها كربة من كرب الآخرة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة" وكرر الامر بالاصلاح مرتبا على الاخوة بالفاء حيث قال* { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } اذا افتتنا والاثنان اقل من يقع بينهم الافتتان فاذا وجب الاصلاح بين إثنين كان بين الكثير ألزم لان الفساد في الكثير أكثر والاصل (فأصلحوا بينهما) فوضع الظاهر موضع المضمر ليذكره بلفظ الأخوة المقتضبة للاصلاح والشفقة وليضيق الى المأمورين بالاصلاح وخص الاثنين لأنهما اقل من يفتتن وقيل المراد بالاخوين الاوس والخزرج وقرأ ابن عامر (بين أخوتكم) وعاصم (بين اخوانكم) وهي قراءة حسنة لان الاكثر في جمع الاخ في الدين ونحوه من غير النسب اخوان والنسب اخوة واخاء واخوة الايمان محضة ان زاحت عنهما شبهة الاجنبية وأبى لطف حالهم في التمازج ان يقدموا على ما يتولد منه التقاطع فبادروا قطع ما يقع من ذلك ان وقع { وَاتَّقُواْ اللهَ } في مخالفة حكمه وفي حق الاخوة والاصلاح فان التقوى تحمل على التواصل والمبادرة الى قطع التقاطع وتصلكم رحمته عند ذلك كما قال* { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } اذا عدلتم وقال صلى الله عليه وسلم "إِن المؤمن بأخيه مثل اليدين لا غنى لأحدهما عن الأخرى ومثل المؤمنين كالجسد اذا اشتكى بعضه تداعى سائره" وقال "المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله كل على المسلم حرام عرضه وماله ودمه" التقوى ها هنا فحسب امرئ من الشر ان يحقر أخاه المسلم