التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوۤاْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ
٦
-الحجرات

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ } خارج عن الحق وكل خارج عن شيء فهو فاسق عنه يقال (فسقت الرطبة عن قشرها) ومقلوبة (ففسقت البيضة) كسرتها واخرجت ما فيها وفقست الشيء اخرجته من يد مالكه مغتصبا* { بِنَبَإٍ } اي بخبر وتنكير (نبأ) وفاسق للتعميم اي فاسق بأي نبأ { فَتَبَيَّنُواْ } توقفوا وأطلبوا البيان والثبوت كما قرأ حمزة والكسائي وابن مسعود (فتثبتوا) ولا تعتمدوا قول الفاسق لأن من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الذي هو نوع منه والفاء فيها معنى السببية اي تبينوا لأجل فسقه ولا تأخذوا كلامه واما غيره فيؤخذ به وينظر شاهد آخر روي انه صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط أخا عثمان لأمه الى بني المصطلق بعد الواقعة يأخذ منهم الصدقة وكانت بينه وبينهم عداوة في الجاهلية وحقدا وهو الذي ولاه عثمان الكوفة بعد سعد بن ابي وقاص فصلى بالناس سكران الفجر أربعا وقال ازيدكم فعزله عثمان ولما شارف ديار بني المصطلق ركبوا مستقبلين له فحسبهم مقاتليه وسوسه الشيطان فرجع وقال للرسول صلى الله عليه وسلم منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي فغضب صلى الله عليه وسلم وهم بغزوهم ولما بلغهم رجوعه جاءوا فقالوا يا رسول الله سمعنا برسولك فخرجنا اليه راكبين فرحين معظمين أمرك فرجع وخفنا انه ورد منك كتاب اليه بالرجوع لغضب علينا نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله فاتهمهم وقال لتنتهن أو لأبعثن اليكم رجلا هو عندي كنفسي يقاتل مقاتلكم ويسبي ذراريكم قيل فضرب بيده على كتف عليّ يشير انه الرجل المذكور وقيل بعث اليهم خالد بن الوليد بعد رجوعهم خفية في عسكر وقال ان رأيت ما يدل على ايمانهم فخذ منهم زكاة والا فافعل فيهم ما نفعل بالكفار فوافاهم مؤذنين لصلاة المغرب ثم سمع آذان العشاء متهجدين فأعطوه الصدقات ولم ير الا الطاعة فرجع واخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية وقبل ولما شارفهم الوليد قيل له انهم مانعوك مقاتلوك فرجع وقيل ان خالدا لما وافاهم كذلك قص لهم ان فاسقا سعى بهم وان رسول الله بعثني خفية مختبرا فرحمكم الله وأصلحكم وقيل انه رأى تهجدا وصلاة بالليل وسمع أذان الصبح وبنو المصطلق حي من خزاعة وفسق الوليد هذا فسق نفاق ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمنزلة لا يجسر احدهم فيها ان يكون الا نادرا كالوليد قال ان جاءكم بأن الشكية وفي الآية اشارة ما ان على المؤمنين ان يكونوا بهذه المنزلة لئلا يطمع فاسق ان يخاطبهم بكلمة زور عن بضع ان الآية عامة قلنا نعم وقال ان الوليد أخطأ وظن وليست الآية حاكمة بفسقه او حاكمة بفسق تاب منه قلنا لو كان يتوب ما سماه الله فاسقا الا ان يراد ان فعله فعل فسق لا انه فاسق فافهم* { أَن تُصِيبُواْ } مفعول لأجله اي (كراهة اصابتكم) وقيل على تقدير لام الجر ولا النافية أي (لئلا تصيبوا)* { قَوْماً بِجَهَالَةٍ } متعلق بتصيبوا وبمحذوف حال من الواو اي (ثابتين بجهالة لأمرهم)* { فَتُصْبِحُواْ } أي (تصيروا) { عَلَى مَا فَعَلْتُمْ } من الخطايا* { نَادِمِينَ } مغتمين غما لازما لأنه كلما تذكروا يندمون ويتمنون انه لم يقع ولذلك ترى العرب تسمي الهم صاحبا ونجيا وسميرا وضجيعا ومن مقلوبة بزيادة الهمزة أدمن الأمر بمعنى أدامه ومدن بالمكان اقام به ومنه المدينة