التفاسير

< >
عرض

قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنْكَ وَٱرْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ
١١٤
-المائدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ }: حين رأى غرضهم صحيحاً فى طلب المائدة، وما شرطوا على أنفسهم، أو رأى لجاجهم فى طلبها حتى انه ان لم يفعل شكوا فى رسالته، أو جزموا بعدها، فأراد الزام الحجة عليهم.
{ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَآءِ تَكُونُ }: أى يكون نزولها.
{ لَنَا عِيداً }: نعظمه.
{ لأوَّلِنَا وَآخِرنَا وَآيَةً مِنكَ وَارْزُقنَا }: أى المائدة أو الشكر عليها.
{ وَأنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }: وجملة { تَكُونُ لَنَا عِيداً } نعت المائدة، وقرأ عبد الله بن مسعود تكون بالجزم فى جواب الدعاء، وقوله: { لأوَّلِنَا } بدل كل من قوله: { لَنَا } باعتبار ما عطف على أولنا، وهو آخرنا، وقرأ زيد بن ثابت: لأولانا وأخرانا بضم الهمزة فيهما واسكان الواو والخاء، والتأنيث بالألف، أى للجماعة أو الأمة أولانا وأخرانا، وذلك العيد اتفق أنه يوم الأحد، أجاب الله دعاءه فنزلت يوم الأحد، فاتخذه النصارى عيداً.
وقيل: العيد السرور العائد، ولذلك يقال: يوم عيد، أى يوم فرح يعود، ومعنى كونها عيداً لهم لأولهم وآخرهم أن يكون نزولها عيداً يعظمونه ويصلون فيه، متقدموهم ومتأخروهم، والمراد أولنا وآخرنا معشر بنى اسرائيل، وقال الحسن: معشر المسلمين.
وقال ابن عباس: معناه يأكل منها آخر الناس، كما يأكل منها أولهم لا يتغير آخره، ففى هذا التفسير لا يلزم دوام طعامها، ولا تكرير نزولها، وفى الأقوال قبله يلزم أحدهما، ومنك نعت آية أى آية ثابتة منك، أو نازلة منك دالة على كمال قدرتك، وصحة نبوتى، ومعنى كون الله خير الرازقين أنه خير من يعطى لأنه يعطى بلا من ولا عوض، ويوسع العطاء، وأنه خالق الرزق، والله رازق، والمخلوق رازق ورزق الله أفضل بمعنى أنه الذى يعطى ما لا يعطى المخلوق، وما يعطى المخلوق هو اعطاء من الله على يده.
روى أن عيسى عليه السلام قال لهم ذات يوم: هل لكم فى صيام ثلاثين يوما لله سبحانه، ثم ان سألتموه حاجة قضاها؟ فلما صاموها قالوا: يا معلم الخير ان حق من عمل عملا أن يطعم، فهل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء، أرادوا أن تكون المائدة عيد ذلك الصوم، وقيل: سألوا المائدة كما ذكر الله جل وعلا عنهم، فأمرهم أن يصوموا ثلاثين يوماً، وقال لهم: انكم اذا صمتم ذلك وأفطرتم فلا تسألوا الله شيئاً الا أعطاكم، فصاموا فقالوا له: أنجز لنا بما وعدتنا من المائدة بعد صومنا.