التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَهُـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ
٥٣
-المائدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا }: بعضهم لبعض حين أظهر الله تعالى نفاق ابن أبى وأضرابه، وقد قالوا لهم: انا معكم أيها المؤمنون تعجباً من حال ابن أبى وأضرابه، واستبشروا فرحاً بما مَنَّ الله على المؤمنين به من الاخلاص، أو يقول الذين آمنوا حينئذ تعجباً واستبشار اليهود لأن ابن أبى وشيعته اذ قالوا لليهود: ولئن قوتلتم لننصرنكم.
{ أَهَؤلآءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهدَ أَيْمَانهِم }: ابن أبى وأشياعه، وجهد الأيمان أغلظها كأنه قيل: أقصى ما تبلغه طاقتهم من اليمين، يقال: جهد أيمانهم أى غلظها جهداً أى تغليظاً وهو مفعول مطلق لأقسموا بأنه قسم على حد قعدت جلوساً، أو مفعولا مطلقاً لحال محذوف، أى أقسموا بالله جهد أيمانهم يجهدون فى اقسامهم جهد أيمانهم.
{ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ }: أيها المؤمنون، قال المؤمنون بعضهم لبعض: ان هؤلاء يقولون انهم لمعكم وليسوا معكم قد فضحهم الله.
{ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ }: ظهر لنا حبوطها الآن بما علمنا أنهم منافقون، أو خاطب المؤمنون اليهود بأن هؤلاء زعموا أنهم معكم لم ينفعوهم ولم ينفعوكم حين جاء الضر، وحبطت أعمالهم ظهر لنا حبوطها لما ظهر نفاقهم اليكم، أو حبط كيدهم الذى يضمرونه معكم علينا، والاستفهام تعجب، وهؤلاء مبتدأ والخبر حبطت أعمالهم، وانهم لمعكم جواب أقسموا، وقرأ عاصم، وحمزة والكسائى: ويقول بواو العاطفة لقصة على أخرى، والكلام معها على صورة الوصل، والمراد الفصل، ويدل به قراءة نافع، وابن كثير، وابن عامر، باسقاط الواو على أنه جواب سؤال، كأنه قيل: فماذا يقول المؤمنون حينئذ؟ وقراءة أبى عمرو ويعقوب بالواو والنصب عطفاً على يأتى على حذف العائد الى اسم عسى فانه لا بد فى المعطوف على خبر عسى من ضمير اسمها كخبرها، وتقديره: ويقول الذين آمنوا به، أى بالله، وانما صح هذا العطف، لأن قول المؤمنين أهؤلاء الى أخره مما يمن الله به على المؤمنين، ومما يأمرنا بالطمع فيه وترجيه، لأنه عن ظهور المؤمنين وخزى المنافقين.
ويجوز أن يكون نصبه بطريق عطف المصدر غير الصريح على اسم خالص، فيكون معطوفاً على اسم عسى عطفاً لمعمول على أحد معمولى عامل واحد، لكون ذلك المعمول بمنزلة معمولين، فكأنه معمولان عطفا على معمولى عامل واحد، كأنه قيل: عسى الله أن يأتى بالفتح، والذين آمنوا أن يقولوا: أى وعسى الذين آمنوا أن يقولوا، أو يجوز أن يعود النصب عطفاً لمصدره على الفتح عطفاً على اسم خالص، أى أن يأتى بالفتح، وبأن يقول الذين آمنوا والنصب بأن مضمرة جوازاً فى الوجهين.
{ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ }: هذا من كلام الذين آمنوا، وقيل: من كلام الله تعالى عطفاً لما هو من كلامه على ما هو من كلامهم شهادة بحبوط أعمالهم.