التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ
٦٦
-المائدة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّورَاةَ وَالإِنجِيلَ }: باشهار ما فيهما من أوصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسالته الى الناس كافة، وما فيهما من وجوب الايمان به، والعمل بما لم ينسخ منهما، وبما فى كتابه.
{ وَمَا أُنزِلَ إِلَيّهِم مِّن رَّبِّهِمْ }: من جملة الكتب، مثل كتاب أشعياء، وكتاب أرمياء، وزبور داود، والقرآن، وقيل: المراد القرآن فانه نزل الى كل من أرسل اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{ لأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرجُلِهِم }: من للابتداء، والكلام عبارة عن توسيع الرزق، كأنه قيل لأفيض عليهم الرزق من كل جهة، وجعلوا مغمورين فيه، فان هذا مما يعبر به عن توسيعه، أو من كل ما يمكن من وجوه الرزق، وليس القصد خصوص الفوق والتحت، ونفسهما.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما: من فوقهم بانزال المطر، ومن تحتهم باخراج النبات، وقيل: من فوقهم من الأشجار المثمرة، ومن تحتهم من الزروع المغلة، وقيل: من فوقهم من الثمار المتعلقة بالشجر، ومن تحتهم من الثمار الساقطة من الشجر، وان شئت قلت: من فوقهم من الشجر، لأن الثمار متعلقة بها، ومن تحتهم من الأرض سقوطها على الأرض، فهى تحت أرجلهم، والمراد فى الأقوال الثلاثة كلها كثرة الثمار، ثم أن الحيوان يأكل ورق الشجر والنبات، ويشرب فتؤكل ويؤكل منها ويشرب، فهى أيضا من السماء والأرض ومما تحت أرجلهم.
{ مِّنْهُمْ أُمَةٌ }: جماعة.
{ مُّقْتَصِدَةٌ }: متوسطة فى الدين لا غلو ولا تفريط، كعبد الله بن سلام وأصحابه، والثمانية والأربعين من النصارى على ما مر فى محله ونحوهم ممن آمن من أهل الكتابين برسول الله صلى الله عليه وسلم كالنجاشى.
{ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ }: بئس.
{ مَا يَعْمَلُونَ }: من الغلو فى أمر وتفريط فى آخر، ومن غلو تارة وتفريط أخرى، كغلو النصارى فى المسيح، وتفريطهم فى جماع الحائض، وغلو اليهود فى الايمان بموسى، بحيث لا يقرون بالنبوة لغيره، فان فيهم من يقول ذلك، وتفريطهم فى عيسى المسيح، وكلهم فرطوا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: أمة متوسطة فى عداوته صلى الله عليه وسلم، وكثير مبالغون فى عداوته صلى الله عليه وسلم.