التفاسير

< >
عرض

مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ
١٨

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ } من صلة وقول مفعول به أي ما يخرج قولا من فمه أو مفعول مطلق عند من أجاز زيادة من فيه.
وقرئ ببناء يلفظ للمفعول فمن زائدة في النائب الذي هو في الاصل مفعول أو مصدر* { إِلاَّ لَدَيْهِ } عنده { رَقِيبٌ } ملك يرقب عمله { عَتِيدٌ } حاضر وأراد بالرقيب العتيد الجنس.
قال الحسن الحفظة أربعة اثنان بالنهار واثنان بالليل.
قال صلى الله عليه وسلم
"يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار يجتمعون عند صلاة الفجر" .
قال أبو هريرة وعند صلاة العصر فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون ولا يفارقان العبد الا عند غائطه وعند جماعه وعند الكذبة لنتنها فيكره وقيل يحرم الكلام عند الغائط والجماع وكذا العمل لانه اذا تكلم أو عمل جاءاه ليكتبا فيضرهما وقيل انما يفارقانه ان أبدى هو أو زوجته عورته عند الجماع وقيل لا يفارقانه أصلاً وعلى الأول فالله حافظ له عند مفارقتهما والا لاختطفته الجن والصحيح ان الحفظة لا يكتبون الا الأعمال البدنية لقول الله سبحانه لهم أنتم الحفظة على أعمال العباد وأنا الرقيب على ما في قلوبهم وقيل يطلعهم الله على ما في القلب فيكتبونه ويكتبون كل شيء حتى أنينه في مرضه.
قاله الحسن وقتادة ومجاهد قال الكلبي ثم يمحى ما لا ثواب ولا عقاب فيه وقيل: انما يكتبان ما له ثواب أو عقاب ويدل له قوله صلى الله عليه وسلم
"كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على يساره وكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات فاذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشراً واذا عمل سيئة قال لصاحب الشمال دعه سبع ساعات لعله يسبح ويستغفر" قيل مجلسهما تحت الثغر على الحنك.
وكان الحسن البصري يعجبه أن ينظف عنفقته قال بعضهم ما خطا عبد خطوة الا كتبت له حسنة أو سيئة.
قال صلى الله عليه وسلم:
"قالت الملائكة رب ذلك عبدك يريد أن يعمل سيئة وأنت أعلم وأبصر فيقول ارقبوا عبدي فإِن عملها فاثبتوا عليه بمثلها وإِن هو تركها فاكتبوها له حسنة فانما تركها من خشيتي"
فعليك بحفظ لسانك الا عن مصلحة ومتى استوى الكلام والسكوت فالسكوت أولى لان المباح قد ينجر الى المعصية بل ينجر كثيراً والسلامة لا يعدلها شيء ويدل له حديث "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" .
وحديث "من حسن إِسلام المرء تركه ما لا يعنيه" .
قال عقبة بن عامر: "يا رسول الله ما النجاة قال أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك" وقال صلى الله عليه وسلم: "من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة" ولما ذكر استبعادهم البعث وأزاح ذلك بتحقيق قدرت وعلمه أخبر بقوله*
{ وَجَآءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ }