التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ
٣٠

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ يَوْمَ نَقُولُ } الله { لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ } متعلق بظلام أو مفعول لمحذوف أي أذكر أو أنذرهم يوم كذا فان أنذر قد يتعدي الى المنذر به بنفسه ويجوز تعليقه ينفخ فيشار بقوله ذلك يوم الوعيد الي يوم يقول لجهنم فلا يقدر مضاف.
وقرأ سعيد بن جبير (يوم يقول الله) وقرأ غير أهل المدينة ونافع وأبي بكر { نَقُول } بالنون وقرأ ابن مسعود والحسن (يقال) بالياء والبناء للمفعول والاستفهام تقريري أو تعجبي وانما قال ذلك تحقيقاً لقوله لأملأن جهنم وهذا قبل دخول جميع أهلها* { وَتَقُولُ } جهنم طالبة للزيادة { هَلْ مِن مَّزِيدٍ }.
قال ابن عباس: لا يزال يزيدها وتستزيده وتقول: يا رب لقد أقسمت لتملأني فيضع قدمه فيقول هل امتلأت فتقول قطني قطني لقد امتلأت.
وعن أنس: لا تزال تستزيد حتى يضع رب العرش وفي رواية رب العزة وفي أخرى الجبال فيها قدمه فتقول قط قط بعزتك وقدمه هو من يقدمه لها من أهل العذاب وقيل المراد قدم الرجل على حذف مضافين وارادة الجنس بالقدم أي قدم بعض مخلوقاته وقيل ان قوماً استحقوها وخلقوا لها ولعلهم سموا بهذا الاسم ومن قال قدم رجل وأثبته لله نافق.
زعم بعض السلف الجهال نؤمن بأن القدم حق ولا نتكلم في تأويلها بل نجريها على ظاهرها وهذه ضلالة بعد بيان الطريق وفي رواية بعد لفظ قدمه فينزوي بعضها الى بعض فهذا الانزواء اما لامتلائها بالقدم الذي هو خلق من خلقه تعالى واما لان القدم معناه زجر منه تعالى لها بأن ذلك هو الامتلاء فلا تطلبي زيادة وانما طلبت الزيادة غيظاً على الكفار وقيل ليس قولها هل من مزيد طلباً للمزيد بل استفهام انكاري أي لا موضع في للمزيد لامتلائي وهذا بعد طلبها للمزيد ليوافق الحديث فهل من مزيد في الآية مثل قطني قطني في الحديث يخلق الله لها لساناً حقيقياً تتكلم به أو المراد بقولها ما يفهم من حالها فالقول بلسان الحال قصد التصوير المعنى في القلب لان بقاء أركانها فارغة كالقول هل من مزيد لي أو لانها لشدة زفيرها وتشبثها بالعصاة كطالب المزيد ويذكر انها تطلب الزيادة فتلقي فيها جبال ويبقى فضل في الجنة فينشئ لها خلقاً وذكروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال
"تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة مالي لا يدخلني الا ضعفاء الناس فقال الله لها أنت رحمتى أرحم بك من أشاء وقال للنار انما أنت عذابي أعذب بك من أشاء ولكل واحدة ملؤها" .
ولعل هذه الرواية لم تصح كيف تقول الجنة ما لي لا يدخلني الا ضعفاء الناس فانها قد علمت ان العظيم هو من يدخلها وهو الذي تحبه وأما العصاة الخبيثون عندها مستقذرون الا ان قالت ذلك تهكماً على النار وانكاراً لافتخارها بهؤلاء ومن زائدة في المبتدأ والخبر محذوف أي لي والمزايد مصدر ميمي كالمجيد أي زيادة أو اسم مفعول كالمبيع